خالد بن حمد المالك
أفهم أن تتباكى أمريكا ودول أوروبا على احتجاز الرهائن لدى حماس، ولكني لا أفهم قبولها باستمرار احتجاز إسرائيل للرهائن الفلسطينيين، مع أن بعضهم يقضون في سجون العدو منذ عقود.
* *
أفهم جيداً أن أقل من 200 أسير لدى حماس يثيرون قلق أمريكا وحلفائها، ولكن لا أفهم كيف أن أكثر من عشرة آلاف في سجون إسرائيل لا يعنيهم أمرهم، وليسوا قلقين عليهم.
* *
لا يثيرني موقف أمريكا وشركائها في حرب غزة الداعم لإسرائيل، فهو موقف واضح ومعلن، ولكن كيف لا تثيرني أكاذيبهم حين يدَّعون بأن إسرائيل في حالة دفاع عن النفس وهي التي تحارب الفلسطينيين في أراضيهم.
* *
أكثر من ثلاثين ألف شهيد فلسطيني، وأكثر من سبعين ألف مصاب، ومع تجريف غزة، ومنع الدواء والغذاء عنهم، بينما لم يصل عدد القتلى من الجيش إلى 500 قتيل، وما زالت نغمة أن إسرائيل على حق في دفاعها عن النفس كما هو الموقف الأمريكي-الأوروبي، وهو ما لا أفهمه، ويريدون أن نتفهم موقفهم المنحاز.
* *
ومما يثير استغرابنا حديثهم عن الدولة الفلسطينية، وأنه لا سلام ولا استقرار دون إقامتها، بينما تستمر إسرائيل في حرب إبادة للفلسطينيين، ويريدون أن نتفهم حقيقة عدالتهم، وهو ما لا أفهمه، وهو ما لا يصدقه عاقل.
* *
نريد أن نصدّق كلام الرئيس الأمريكي، في إدانته لرئيس وزراء إسرائيل مؤخراً، لولا أن استمرار أمريكا بدعم إسرائيل بالسلاح، واستخدام الفيتو لمنع وقف إطلاق النار ما لا أتفهمه من دولة يفترض منها أن تكون عادلة ومنصفة، ما جعلنا في موقف المكذب للموقف الأمريكي دون تردد.
* *
الرئيس الأمريكي يقبل بهدنة مشروطة لمدة 6 أسابيع، وأبرزها إطلاق الأسرى لدى حماس، مقابل إطلاق عدد محدود من السجناء الفلسطينيين في سجون إسرائيل، تحدد إسرائيل أسماءهم، ويريد البيت الأبيض أن تقبل حماس بذلك، وما إن تنهي الهدنة حتى يتحقق ويتاح لإسرائيل أن تفعل بالفلسطينيين ما تشاء، فواعجبي!!
* *
أفهم وأتفهم جيداً أن يكون هذا هو الموقف الأمريكي الذي لا يتغير، فالتاريخ لا يكذب، وفيه ما يندى له الجبين عن شراكة أمريكا ودول أوروبية مع إسرائيل بما جرى ويجري في فلسطين، لكني لا أفهم أبداً أن تدّعي أمريكا بما يخالف ذلك.
* *
لا شيء أمامي يقنعني بأننا على أبواب الطريق إلى قيام دولة فلسطينية، حتى وإن قالت أمريكا بذلك، فالكلام غير الأفعال، وإذا كانت واشنطن صادقة وجادة فعليها تحويل الكلام إلى فعل، حتى نفهمها بشكل مختلف عمَّا هي عليه الآن.
* *
إسرائيل بدون أمريكا - تحديداً - هي إلى زوال، وضمان البقاء لها يأتي من تسوية تسمح بخيار الدولتين، ولكن من يقنع أمريكا لتكون وسيطاً عادلاً وحكيماً حتى لا يستمر كره العالم لها، وحتى يكون البقاء لإسرائيل ضمن خيار الدولتين، هذا ما أريد أن أفهمه؟
* *
في ظني أن إسرائيل والوصول إلى اتفاق معها ضمن تسوية عادلة تضمن لها الأمن مع باقي دول المنطقة لن يعتمد على مواقف شركاء إسرائيل، وإنما في استمرار المقاومة دون يأس أو إحباط، دون النظر إلى عدم التكافؤ بالقوة العسكرية، فأصحاب الأرض ينتصرون في النهاية، ومطالبهم تتحقق وإن تأخرت، فمتى تفهم إسرائيل وداعموها ذلك؟
* *
أحاول أن أتفهم الموقف الأمريكي-الأوروبي من هذا الصراع، أحاول أن أقنع نفسي بأن لديهم مبرراً واحداً في انحيازهم لإسرائيل فلا أجد غير أنهم أرادوا التخلص من اليهود، فزرعوهم في الأراضي الفلسطينية، وشجعوهم على احتلالها، والنظر إلى الفلسطينيين بوصفهم حيوانات كما هو وصفهم على لسان القادة الإسرائيليين، فاستمر عجزي عن فهم هذا الموقف التآمري الخبيث.