د. محمد بن أحمد غروي
يتغير نمط الحياة مع روحانية شهر رمضان المبارك في جنوب شرق آسيا، على الرغم من عدم تغيير قواعد الأعمال وتوقيتاتها في الشهر الفضيل، إلا أن ما يميزه في ماليزيا - على سبيل المثال لا الحصر- هو التقارب العائلي والتباحث في الثقافة الإسلامية، وتزيين الشوارع والمحال التجارية؛ للتعريف بمقدمه في مجتمع يقطن فيه نسبة لا يستهان بها من غير المسلمين.
إندونيسيا التي يقطن فيها أكبر تجمع إسلامي في العالم، تتسم بعادات رمضانية متنوعة بتنوع الأقاليم المختلفة، ومن ذلك الاحتفال بـ»ميونجانج»- Meugang في آتشيه، والذي يرجع إلى زمن السلطان اسكندر مودا الذي كان يضحي بالكثير من الماشية، لتوزع لحومها على الناس قبيل شهر رمضان، ويقام هذا التقليد ثلاث مرات في السنة، قبل رمضان، وفي عيدي الفطر والأضحى، إذ يطهى الناس باستمتاع اللحوم مع العائلات والأصدقاء والأيتام كرمز للامتنان.
أما المسلمون في بالي، فإنه يستقبلون شهر الصيام مع ميجيبونج المشتقة من جيبونج والتي تعني المشاركة والجلوس في دوائر، وتناول وجبة مع الأرز والأطباق، وتقام هذه الطقوس في كامبونج إسلام كيباون، كارانجاسم، شرق بالي في اليوم العاشر والعشرين والثلاثين من رمضان. وترجع إلى حقبة ملك كارانغاسيم، غوستي أجونج أنجلوراه في القرن السابع عشر.
ومن بين التقاليد الأخرى «نيوروج»، وهو تقليد بأحد الأقاليم الإندونيسية، حيث يقوم الأشخاص بمشاركة عبوات الطعام مع أفراد الأسرة الأكبر سنًا مثل الأب أو الأم أو الأعمام أو الأجداد، وهو تقليد يعتبر في ذلك الوقت، بمثابة تذكير بأن شهر رمضان قادم، ويجب على الناس تقوية روابطهم العائلية.
من بين العادات الإندونيسية الجميلة أيضًا، اجتماع العائلات مع جيرانهم في القرى المنتشرة في أقاليم إندونيسيا، إذ يلتمسون العذر لبعضهم البعض، ويطلبون الصفح من ذويهم، كعلامة فارقة فريدة تدل على الاستعداد لطلب الأجر في رمضان، وتشهد هذه التجمعات تناول الطعام والمشروبات.
وفي بروناي، تقام أنشطة رمضانية خاصة في المجتمع، بما في ذلك الإفطار اليومي بالمساجد والمناطق العامة، ومن الشائع أن تجتمع العائلات معًا للإفطار وصلاة التراويح، خاصة خلال اليوم الأول من رمضان، وعادة ما يجتمع المسلمون مع عائلاتهم لمشاركة وجبة السحور قبيل الفجر، ثم لتناول وجبة الإفطار، وغالبًا ما يكون هذا وقت الاحتفال البهيج والتأمل.
وفي تايلاند، تخرج النساء في الأقلية المسلمة، قبيل الإفطار أمام منازلهن لتناول الإفطار معًا، فيما يجتمع يتشارك الرجال بالطعام الذي أعدته زوجاتهن. خرين. ويتميز شهر الصوم في الفلبين بتنظيم برامج الإفطار الجماعية بين العائلات والجيران، وتتكرر عدد من الأطباق والمأكولات الذائعة في شهر رمضان، مثل إهداء التمور بين الأصدقاء أو من المساجد إلى العائلات، إلى جانب اعتبار الأرز عنصرًا رئيسيًا في إفطار الرمضاني. وحتى الإعلانات التجارية في الدول الاسلامية في آسيان، يتغير مضمونها في رمضان، في التنافس بين الشركات من حيث التركيز على قيمة العائلة والأسرة في الشهر الكريم، وقيمة التجمع والترابط.