نجلاء العتيبي
المزعج المقلق المريب في هذه الظاهرة أنها بدأت بالهيمنة على محتوى قنوات التواصل الاجتماعي، تتعاظم على حساب المجتمع؛ للتأثير على أفراده، ولصناعة ثقافة حديثة تُشكِّك بثوابت الدين الإسلامي، وتحثُّ على المعارضة بكلِّ أنواعها، وفي غير محلِّها، تدعو للتمرد؛ لتلعب دورًا كبيرًا ومهمًّا في تغيير وهدم كل القيم الدينية والأخلاقية التي نشأ عليها الإنسان المدرك العاقل، يتحدَّثون في مختلف القضايا المصيرية، وبمواضيع حساسة جدًّا، يتعدُّون الخطوط، بل إنهم يحدِّدون الطريق، ويتحكَّمون بسرعته! بدون اهتمامٍ للحوادث الكارثية التي تنتهي به. بدعوة حرية التعبير تكون مداخلهم!
أين الديمقراطية والحرية في مساحات انهارت فيها مقوِّمات القول السليم؟! يُنتهَك فيها مبدأ الصدق، وتفشَّت بها سموم الأحقاد والشر، حوار هزيل بين طرفين في الظاهر يبدوان مختلفين ولكنهما كانا خلف الكواليس متفقين، الحذق الشاطر فيهما من يُنهي النقاش بإسكات الرأي الآخر، وطمس الحقائق، ولا يسمح لأيٍّ كان غيره أن يُقدِّم رأيًا في الموضوع، تلاعب بالوقت واللفظ، تجاوزات محزنة تطال الكبير والصغير، يتعرَّضون فيها لشخصيات البشر بالافتراء والكذب.
إثارة قضايا قديمة بين الدول؛ لإحيائها بطريقة خبيثة تُناسب سياقات الأحداث؛ لزراعة الفتن في كل اتجاه.
إن منابر تضليل الحقائق هذه تُعرِّض العالم لمزيدٍ من الالتباس والفوضى والتعصُّب، وهي رسائل مبطَّنة تخلق الأزمات، وتشير إلى أمر خطير وغير شريف ومدروس، تخدم مَن وجَّهها، وأشرف عليها وحرَّكها حسب أهدافهم، يعيش العالم هذه الأيام في نزاعات وخلافات دولية، ولا يتحمَّل مزيدًا من الإشعال والتحريض، يحتاج إلى تكاتف وتقارب بين الشعوب -معظم النار من مستصغر الشرر.
علينا أن نعطي هذا المدَّ الانتباه الذي هو اختراق بمساحة خصوصية المجتمعات والأوطان، لوَّث وسمَّم وانتهى بعصيان وعقوق، وأثار الشكوك بين أفراد المجتمعات محليًّا ودوليًّا، وقسَّم الرأي العام إلى قطع ممزَّقة، وكل هذا يتناقض جملةً وتفصيلًا مع مبدأ الإنسانية والحرية والديمقراطية.
وكم أتمنَّى من القائمين على هذه المساحات الانتباه لوضع ضوابط مشدَّدة غير قابلة للرهانات والاستغلال والابتزاز والإبعاد.
والالتفات جيدًا وعدم الاستهانة بما يُمرَّر من مخططاتٍ، والتصدي بجدية لهؤلاء، بقوة كلمة الحقيقة الصادقة، ومتابعتها أولًا بأول؛ للحصول على منبر يدفع بجسور التواصل الواعي بين الناس للإعمار، وليس للخراب.
ما يبدو اليوم خطرًا ضعيفًا في فضاء العالم الافتراضي يُصبح مهلكة المستقبل عند اكتماله على أرض الواقع.
ضوء
«يبرع المفسدون الجهلة في ترويج الأفكار الهدَّامة وفق آليات معينة؛ لإحداث الصراعات من أجل تشويه العالم بكل مكوناته، وفي كل مرة يردُّ الله كيد الكائدين».