رمضان جريدي العنزي
قال الشاعر:
ما قيمةُ الناس إلاّ في مبادئهم
لا المالُ يبقى ولا الألقابُ والرتبُ
قيمةُ المرء وعظمته وعلو شأنه بما يحمله من علم وقيم ومُثل عليا ومبادئ لا بكثرة الأموال والمناصب والشهادات والثروة، والشكل واللون والانتماء، أن أغنى الناس رصيداً، وبكل الموازين والمعايير، هم أصحاب القلوب الكبيرة الطافحة بالقيم، والساعين لإدخال السرور على قلوب الآخرين بما يقدمونه لهم من خدمات جليلة وأعمال نبيلة. إن قيمة الإنسان بمبادئه وقيمه وأخلاقه وسلوكه، لا بالهلامية والحركات التي تشبه فقاعات الصابون. إن الفقاعة مهما ارتفعت في الهواء إلا أنها سرعان ما تنفجر مع أول جسم صلب أو رقيق يصطدم بها، وقد تتلاشى من تلقاء نفسها. إن أصحاب المبادئ الواضحة، أصلب وأشد وأبقى، ولهم سمو وارتقاء، ويمثّلون استقامة الحياة ونقاءها وبياضها، ويسيرون في طرق واضحة، ويسعون لاستخدام أقصى استخدام سليم للعقل والمنطق، إن للقيم الأخلاقية أهمية بالغة في حماية وصيانة البشر، وتنظيم الحياة وتحسينها وجعلها أيسر وأسعد وأجمل. إن بناء القيم والأخلاق لدى الإنسان أهم وأجدى من بناء أي شيء آخر، فالماديات تزول وتندثر، لكن القيم والمبادئ تبقى أبد الدهر. إن القيم هي مجموعة الأخلاق التي تصنع نسيج الشخصية الإنسانية. إن هناك فرقاً كبيراً بين صاحب الخلق الكريم تربية وأصالة وقناعة وطبعاً وثباتاً، والمتصنع للخلق الكريم مداهنة ونفاقاً، كالفرق بين الصدق والكذب، والإخلاص والرياء. إن الإنسان الحقيقي من تسيطر روحه على جسده، ويسمو بنفسه على حسه وهواه، ويحسن الوفاق بين عقله وقلبه، لهذا نراه حكيم المقال، رشيد الفعال، متزن الحركات، عكس المتصنع للأخلاق فإننا نراه فوضوياً وعبثياً، وصاحب نفاق ودجل، يغيب العقل والإرادة عنده فيصبح لا يفرق بين الحق والباطل، ولا يميز بين الحسن والقبيح في فعله وقوله، ولا تتحرك مشاعره ووجدانه تجاه الآخرين، ولا يعيش الحب والود والخير لهم، ولا يقابل الإحسان بالإحسان، بل يمارس الجحود والنكران، عندما تتكاثف تلك الحالات الظلامية في نفس هذه الكائنات، يفقدون إنسانيتهم ويتحركون وفق أهوائهم، إن البيان النبوي يوضح العلاقة التكاملية بين الإيمان والالتزام بالقيم الأخلاقية، فيقول عليه أفضل الصلاة والسلام: (أكملكم إيماناً أحسنكم خلقاً)، وعندما يسود الحب والسلام، تشرق شمس الحياة بهية، ويلتزم الإنسان بقيم الحق والعدل، ويتعامل الناس بالصدق والرحمة، فطوبى لأصحاب المبادئ والقيم، أصحاب الوجوه البيضاء، والقلوب الرقيقة، واليادي الندية.