مها محمد الشريف
قالت صحيفة لوموند: الناتو يستأنف التدريبات العسكرية واسعة النطاق »المدافع الصامد 24» «كأهم مناورات للحلف في أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة ولم يعد التحالف الأطلسي مختبئًا، وذلك بعد ثلاثة عقود من تقليص الشؤون العسكرية، في أعقاب سقوط جدار برلين في عام 1989 وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي بعامين، قررت منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) تعزيز قدراتها، من أجل الرد على «العملية العسكرية الخاصة» التي شنتها روسيا في أوكرانيا، والتهديدات التي أطلقها رئيسها فلاديمير بوتين تجاه الدول الواقعة في الجهة الشرقية لأوروبا».
بعد نفاد سبل السلام في الحرب الروسية الأوكرانية تعرض الجميع لتداعيات هذه الحرب، والصور التوضيحية تشير إلى مزيد من التعقيدات بوجود قاذفات قنابل روسية قرب حدود فنلندا لأول مرة، وتصعيد تشعله روسيا في أوكرانيا وتلويح جديد لاستخدام النووي، وهجوم مستمر دون توقف بعدما صادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على ضمّ 4 مناطق أوكرانية واقعة تحت سيطرة الجيش الروسي بشكل جزئي أو بالكامل، وهي خيرسون وزابوريجيا ودونيتسك ولوغانسك خلال مراسم أقيمت في الكرملين.
فهل تغيرت الحدود الروسية اليوم؟ وهل حققت مكاسب جيوسياسية؟ أم أن الحرب ستغير هذه الحدود، وخاصة بعد نشر ما يقرب من 32 ألف جندي من القوات المسلحة المشتركة لحلف الناتو والولايات المتحدة وأكثر من ألف عربة مدرعة وحوالي 160 منظومة مدفعية ومدافع هاون و235 طائرة ومروحية، كجزء من عمليات الحلف في أوروبا».
لذا، يبدو أن كل شيء يعزّز الحرب تعزيزًا كبيرًا، وكأنه يتجه نحو زيادة مطردة في مساواة الطرفين وقابليتهما للاستبدال، والقصد بالطرفين أمريكا مع أوروبا ضد روسيا، والتطلع على هذا النحو لجعل الأزمة تلتصق بها أحداث معقدة على أرض الواقع مهددة للسلم في العالم.
وهذا يرتبط ارتباطًا كليًّا بالمناخ السياسي الجديد، الذي اعتبره بوتن حدًّا فاصلًا بين الأمس واليوم، وأن الغرب هو من دبر انفجارات خط نورد ستريم الذي يربط بين روسيا وأوروبا، والذي نجم عنه تسرّب الغاز في عدة مواقع، وقال إن «العقوبات لم تكف الغربيين، لذلك انتقلوا إلى التخريب». حتى إن كريشانيس كارينش، وزير خارجية لاتفيا والمرشح المعلن لرئاسة الناتو: قال «يتحول بحر البلطيق إلى بحيرة تابعة لحلف شمال الأطلسي».
بعد أن أصبحت رسميًا العضو الثاني والثلاثين في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة خلال حفل أقيم في واشنطن، جلبت السويد معها جزيرة جوتلاند في وسط البلطيق والتي يطلق عليها اسم «حاملة الطائرات العملاقة» مما يجعل الدفاع عن دول البلطيق الثلاث الصغيرة أسهل.
وخاصة بعد أن كان انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي أمراً غير وارد قبل ثلاث سنوات، لكن عندما بدأت الدبابات الروسية بالتقدم نحو كييف في فبراير 2022، استيقظت دولتا الشمال على ما يمكن أن تفعله موسكو بجيرانها لذا، تظل الأسئلة محاطة بإجابات ناقصة لوجود مسافات لا أحد يعلم حدودها، فماذا يمكن أن تكون المقتضيات والنتائج من هذه الحرب؟
والعالم منقسم بين تجنب الاندفاع نحو إصدار أحكام متعجلة وبين القلق من النتائج الوخيمة لهذه الحرب، وفي المقابل تأمل الشعوب أن تتخذ الحكومات القرارات الصائبة السليمة بتأنٍّ وتفكير راجح، والقسم الآخر يقف مع طرف ضد الآخر، ولكن الواقع يخبر بأن الحقائق كثيرًا ما تصطدم بالأحداث على الأرض، فهل أصبح العالم يعيش قانون الغاب وتتطور الحرب وتتوسع بشكل تخرج فيه عن السيطرة ؟
هذا ما جعلنا نعود للقول إن السياسية في الحرب تدرك وتعاش ملونة مبتعدة عن ذاتها، ولا تتوقف كثيرًا على ما لدى الأعضاء الفاعلين في المجتمع الدولي من وعي بها، فمن أعاق السلام لم يرد الاكتفاء بهذه الخسائر بل يطمح بالمزيد، فقد كان الأمر مقدرًا منذ زمن بعيد لهذه الحرب كما قال التاريخ، لذلك المهمة السياسية الروسية كان لها عواقب جسيمة انتهت بحشد الأسلحة النووية وتكتلات عسكرية كبيرة. أعلن عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سابقاً، بداية من خطط جديدة لإعادة تنظيم الجيش الروسي وتعزيز القوات في المنطقة «لتحييد التهديدات» التي قال إنها نشأت من عضوية السويد وفنلندا في حلف شمال الأطلسي (الناتو).