سهوب بغدادي
فيما نعاصر الفورة الرقمية وسرعة الانتشار نتيجة تأثير مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة الوصول، نرى ظواهر عديدة تبرز بين الحين والآخر وتتنوع في أُطرها ومجالاتها، وتجتمع في غالبيتها تحت سقف «الترند» ذلك الترند الذي يعد الغاية تارة والوسيلة تارة أخرى، الترند الذي أتعب المشاهير وأذهب عقول البعض، وأثار حفيظة البعض الآخر، في هذا الخضم، لفت انتباهي ترند من نوع مختلف، ليس مشابهًا في تكوينه وأهدافه لما نراه عادةً كترند «الهبة» في الطعام والشراب والملبس والمظهر بشكل عام، والذي لا يخرج عن كونه بدافع تسويقي بحت لجهة ما أو لزيادة المتابعين والمشاهدات لشخص أو حساب، يتلخص الترند كالآتي «تحررت وسافرت لحالي بدون أهلي» أو «انتصرنا أنا والبست وسافرنا لحالنا» تختلف المسميات والمفهوم واحد، بما أن الترند لم يصبح ترندًا سوى باتباع أغلبية البشر له في فترة زمنية محددة، فإن عدم تطبيقه واتبعاه يجعلك خارجه تباعًا، لذا ما الرسائل الكامنة في نشر هذه المحتويات؟ قد ينساق البعض في هذه الترندات ويصارع نفسه ومحيطه خاصةً الأهل في حال الفتيات، إن هذا الترند غير صالح للجميع، فليس كل شخص قادراً على السفر أولًا وليست كل فتاة ستتمكن من السفر وحيدة أو مع صديقاتها، بحسب ما جاء في تفاصيل الترند، لذا تعمد بعض الفتيات إلى التصوير بطرق معينة والتلاعب بالمشاهد وبث عبارات توحي بأنها فعلاً بمفردها خلال السفر، أو مع بعض الصديقات، والأدهى والأمر الكذب والاستعانة بصور وهمية لكي تنال إعجاب الأخريات! وفقًا لمن طبق الترند أو من يعرف تلك التي طبقته سواء لارتباطها بها عبر القرابة أو الصداقة أن غالبيتهن غير صادقات، بمعنى أنها سافرت حقًا، إلا أنها ليست بمفردها، أو أن من معها أخواتها أو بعض القريبات، فأين ذهب الترند؟ إن أسوأ ماخلفته لنا مواقع التواصل الاجتماعي هو المقارنات والمنافسة والاطلاع على خصوصيات الناس، وقس على ذلك من التقليعات التي دمرت البيوت والزيجات والأطفال والمراهقين، فليس كل ما تقع عليه العين صالحًا للتطبيق، في حين يعد دور الأهل في هذا الخصوص بارزًا ومفصليًا لنبذ التداعيات الناتجة عن بعض المحتويات، إن سفر المرأة بحد ذاته ليس أمرًا سيئًا، فالمرأة رأيناها مبتعثة، ومسؤولة، وسفيرة، وما إلى ذلك من الأدوار التي لعبتها ونفتخر بها ونعتز، ولكن تأطيرها وتغليف تصرفاتها الطبيعية برداء المظلومية والتحرر منها، ضرب من الجهل، وليالهدف من هذا الطرح السفر بعينه، إنما المحتوى الذي نتعرض له وأطفالنا على اختلاف أعمارهم ومعرفة الصالح منه والطالح، فنشبه مادار في ترند السفر والاستماتة في تطبيقه وتحقيقه بمن يحمل في يده كوبًا فارغًا من مقهى معين لكي يلتقط صورة أو يثير إعجاب المحيط، كما يبقى الاحترام للاختلافات الكامنة في كل أسرة، وطريقة التربية المتبعة مع الأبناء، والقرارات المتخذة، لذا قد يرى الطفل أن أبويه غير متفهمين أو متحكمين وهما حريصان عليه بالتأكيد نتحدث عن الحرص المعتدل بأسباب ولأعمار محددة، لا حرمنا الله وإياكم من وجود الأهل ونعمه التامة علينا.