خالد بن حمد المالك
لم يعد الاعتماد على النفط وحيداً في الناتج المحلي، أو بمشاركة خجولة من الأنشطة غير النفطية، فقد أُعلن عن تحقيق هذه الأنشطة لارتفاعات تاريخية غير مسبوقة خلال عام 2023م، وأنّ نُموها وصل إلى أعلى مستوى لها في تاريخها، أي إلى أعلى مساهمة لها في الناتج المحلي الإجمالي، مُسجلة 50 % من الناتج المحلي، وبقيمة تصل إلى 1.7 تريليون ريال.
* *
وما كان هذا ليحدث لولا التوجيهات السديدة لخادم الحرمين الشريفين، والمتابعة الحثيثة من سمو ولي العهد، وما حدث مؤشر واضح على النجاح الكبير لرؤية المملكة 2030 في تحقيق مستهدفاتها نحو اقتصاد مزدهر، وجاء ذلك من خلال تنويع مصادر الدخل، وإدخال قطاعات عمل وإنتاج جديدة إلى قائمة الأنشطة الاقتصادية لتحقيق هذا الإنجاز.
* *
ويُلاحظ أن الفنون والترفيه برزت في مُقدمة مجالات العمل والإنتاج غير النفطية التي ساهمت في تحقيق نمو استثنائي بلغ 106 خلال عامي 2021/ 2022 مما يعكس حيويتها وجاذبيتها كمجالات بكر للاستثمار وتحقيق الأرباح.
* *
وهناك مجالات إنتاج أخرى عديدة مثل قطاعات خدمة الإقامة والطعام والنقل والتخزين سجلت هي الأخرى معدلات نمو قوية ضمن مجالات العمل والإنتاج غير النفطية بلغت 77 % و29 % تأكيداً على الفرص الاستثمارية الكبيرة المتاحة في القطاعات الخدمية.
* *
والأهم أن توقعات الخبراء وتقديرات الاقتصاديين تشير إلى استمرار هذا النمو الاقتصادي وتنوعه خلال الأعوام القادمة، متزامناً مع استكمال المملكة عدداً من المشروعات التحولية الكبرى التي يجري تنفيذها حالياً ودخولها حيز التنفيذ.
* *
ومرة أخرى، فإن هذه الإنجازات التي حققتها أنشطة الإنتاج غير النفطي في نمو الاقتصاد وتنويعه تأتي كانعكاس مباشر لنجاحات المملكة في تنفيذ برامج تحقيق الرؤية من خلال مشروعاتها التنموية الكبرى، وقُدرتها على فتح مجالات عمل وإنتاج جديدة تساهم في رفع معدلات النمو، وزيادة مساهمة أنشطة الإنتاج غير النفطي.
* *
وإذا كان الخبراء متفائلين بمستقبل أفضل في نمو القطاع النفطي أمام كل هذه النجاحات التاريخية غير المسبوقة، فإن المملكة مُقبلة على أن يكون اعتمادها على القطاع غير النفطي موازياً لاعتمادها على القطاع النفطي، بما يخلصها من الاعتماد على النفط فقط، وهو بالكاد يكاد لا يغطي سوى جزء من متطلبات التنمية، وإنجاز مستهدفات الرؤية.
* *
ومن المؤكد أن هذا التطور في مسار تنوع الاقتصاد ونموه، إنما يساعد على التسريع في إنجاز البرامج والخطط والمشروعات التي بدأ بعضها، وفي الطريق البعض الآخر، دون أن تواجه ميزانية الدولة متاعب في الإنفاق، أو تراجعاً في الإيرادات، أو تعثراً في تنفيذ خططها الطموحة.
* *
إن ما أُعلن عنه عن تسجيل الأنشطة غير النفطية لارتفاعات تاريخية غير مسبوقة، يعطينا الاطمئنان مع توقع استمرار نموها إلى مستويات أعلى، وبالتالي مواجهة أي تقلبات في أسعار النفط أو حجم إنتاجه لوجود مشاركة القطاع غير النفطي بهذه القوة وسرعته في الوصول إلى معدلات تاريخية وغير مسبوقة.