العقيد م. محمد بن فراج الشهري
عندما تتعرض الشخصية (اليهودية) عالمياً تجد أن اتفاقاً لدى شعوب الأرض قديماً وحديثاً أن (اليهود) يختلفون عن (الآخرين) في طباعهم وأخلاقهم التي لا تشبه قيم الأمم الأخرى، مما دفع قادة العالم إلى اتخاذ أقسى العقوبات بحقهم، والتي أقلها طردهم من بلدانهم وتهجيرهم.
لم تبق دولة في العالم إلا وطردت اليهود من أرضها بعد أن منحتهم فرصة العيش والتعايش والعمل لكنهم سرعان ما يواجهون شعوب تلك الدول بقيم وعادات غريبة من الجشع والتآمر ونكران الحق والتماهي مع الباطل والهيمنة على المال بأبشع الطرق واستغلالها لإذلال الناس. حتى إن رسول الله- صلي الله عليه وسلم- قد طرد يهود المدينة بعد أن أثاروا الشغب والمشاكل والفتن، ومن أمثلة ذلك أنهم أثاروا مرة الفتنة القديمة بين الأوس والخزرج حتى كادوا يتقاتلون بالسيوف، لولا أن أوقفهم رسول الله- صلي الله عليه وسلم-.
إن مجرد قراءة كتاب (اليهودي العالمي) لمؤلفه هنري فورد عام 1921 (مليونير وصاحب شركة فورد) تجد كيف تعرض لليهود الأميركان الذين سرعان ما دخلوا القارة الجديدة (أمريكا) واستولوا على ثرواتها، وعلى شخصيتها عبر الهيمنة على المال والمؤسسات الثقافية والفكرية والإعلامية، وكيف هي نظرتهم للآخر، وكيف عانى منهم الشعب الأميركي بمختلف القوميات.... في فرنسا عام 1269 أصدر ملك فرنسا لويس التاسع قانوناً بتغريم كل يهودي لا يضع الشعار الأصفر على ثيابه وذلك لتفريقه عن الآخرين، وذلك بدفع غرامة قدرها عشرة فرنكات فضية أو السجن.
والسبب أن اليهود باتوا يمسكون باقتصاد الدولة الفرنسية، فهيمنوا على تجارة (الاستيراد والتصدير)، وكذلك (ممارسة الربا)، كما تعرض اليهود حتى القرن الـ16 لعمليات تهجير في دول أوروبية عديدة، منها بريطانيا عام 1291، وفرنسا عام 1394، وإسبانيا عام 1492. وخلال اجتماع «مجمع لاتران» الرابع عام 1215، قرر مسؤولو الكنيسة حظر منح اليهود مناصب ووظائف في المؤسسات الحكومية والجيش، مشترطين عليهم ارتداء القبعة ووضع الشارة اليهودية. وشهد اجتماع مجمع بازل عام 1434، قراراً بإضفاء العالمية على الزي اليهودي الخاص.
في حلول عام 1555، أقر البابا بولس الرابع في أول خطوة رسمية، إجبار اليهود على العيش في مناطق وشوارع وأزقة محددة، رغم وجود نماذج قبلها في أنحاء مختلفة من أوروبا. السبب ليس البعد الديني، أو الصراع بين اليهود والمسيح، إنما هو (سلوك اليهود) لا غير.
* * *
كما شن الزعيم النازي «أدولف هتلر» حملة لمصادرة ممتلكات اليهود وطردهم من وظائفهم في الأوساط الأكاديمية والقضاء والجيش والخدمة المدنية، وأغلقت متاجرهم وتفرقت أماكن عبادتهم، وحظر الزواج منهم، لماذا؟ يقول رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (بسبب سلوكهم حتى أن بعض مفكري اليهود أنفسهم أكدوا أن كراهية الشعوب لليهود تعود لسلوكهم غير السوي)!
في خضم ما حدث في 7 أكتوبر من العام الماضي، وجه العشرات من كبار الحاخامات رسالة لحكومة الاحتلال يحثونهم فيها على «استهداف المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة باعتبار أن الشريعة اليهودية والأخلاق لا تحرم ذلك»، بناء على استخدام نصوص توراتية محرفة تحث على إبادة العدو.
ونقلت صحيفة هآرتس عن الحاخام يسرائيل روزين، رئيس معهد تسوميت وأحد أهم مرجعيات الإفتاء لدى اليهود، فتواه التي سبق أن أصدرها في 26 مارس - آذار 2007 ونصها بأن اقتلوهم وجردوهم من ممتلكاتهم، لا تأخذكم بهم رأفة، فليكن القتل متواصلاً...
شخص يتبعه شخص، لا تتركوا طفلاً، لا تتركوا زرعاً أو شجراً، اقتلوا بهائمهم من الجمل حتى الحمار. ومثل ذلك وقع عشرات الأطباء في (إسرائيل) على عريضة طالبوا فيها الأجهزة الأمنية والجيش الإسرائيلي بقصف المستشفيات في غزة. شخصية شايلوك التي رسمها الكاتب المسرحي الكبير وليم شكسبير، لم يأت بها جزافاً إنما هي حقيقة الشخصية اليهودية الدارجة والمألوفة لدى العالم أنذك فقد استغل هذا المرابي اليهودي حاجة شاب للمال ففرض أن يقتطع رطل لحم من الجهة اليسرى من صدره في حال عدم الإيفاء بموعد التسديد!
السؤال: لماذا هذا الشرط؟ وهل كان مثل ذلك من قبل؟ وتتحدث مسرحية تاجر البندقية (1600) عن عجز الشاب الإيفاء بالمبلغ وفق «الموعد المكتوب آنذك، وكيف أحضر شايلوك سكاكينه إلى المحكمة لتقطيع لحم الفتى، وكيف دفع له الناس ثلاثة أضعاف المبلغ فرفض مصرا على أخذ رطل اللحم لقد ارتفع البكاء بالمحكمة والتوسل لكن دون جدوى»!
أما نرى أن العالم أجمع (الآن) يتوسل رئيس وزراء إسرائيل (نتنياهو) ألا يقتل النساء والأطفال والشيوخ في غزة، لكنه مصر على مهنة القتل التي تجاوز فيها عدد الضحايا من المدنيين الـ 30 ألفاً!
نتنياهو لم يكن حالة شاذة للشخصية اليهودية، بل يدعمه الوزراء الذين وصف بعضهم أهالي غزة بـ(الحيوانات)! ويدعمه مستوطنو (إسرائيل) الذين يهتفون ليل نهار من أجل (موت غزة)، أميركا ما زالت أسيرة (اليهود) على الرغم من ضآلة عددهم لكنهم أحكموا قبضتهم على المال والإعلام ومصادر القرار فباتوا يصنعون الشخصيات السياسية كما يشاؤون.
يبدو جلياً في بيان الكاتبة الهندية أرونداتي روي الذي ألقته في اجتماع «العمال ضد الفصل العنصري والإبادة الجماعية في غزة». في نادي الصحافة،في نيودلهي، ما يؤكد أن العالم لا ينسى أخطاء (الصهاينة) حيث تقول: يعتقدون أنه لا توجد قوة في العالم يمكن أن تحاسبهم، هم مخطئون، وسوف يطاردهم هم وأطفال أطفالهم ما فعلوه. سيتعين عليهم أن يتعايشوا مع الكراهية والاشمئزاز الذي يشعر به العالم تجاههم. هذه الحقيقة التي يجب أن يعرفها العالم أن الشعوب لا تنسى الجرائم التي يرتكبها الآخرون بحقها وتبقى ذاكرتها تختزن الألم حتى تثارله! الصهاينة اليهود يعتقدون أنهم قادرون أن يخفوا سلوكهم سنين تجاه الآخرين والتركيز على رد فعل الآخرين ضدهم، فهذا وهم تؤكده الحقائق....
وكتب في الأيام الأولى لمعركة طوفان الأقصى كاتب إسرائيلي معلقاً على المذابح التي ارتكبها جيشهم بحق المدنيين (لا تنسوا أن أطفال غزة يرون آباءهم كيف يموتون أمامهم). ونقول لـ (نتنياهو) إن التاريخ يحفظ الوجوه (جيداً) وأن جدك شايلوك خسر القضية حين انبرى له محام واحد يومها وأجلسه ملوما محسوراً، واليوم، فخلف شعب غزة (وقضيتهم) مقاتلون بأسهم شديد، ومحامون من شتى بقاع الأرض (جعل الله الحق على ألسنتهم). وأميركا التي عليها تراهنون خرجت بها تظاهرة نصرة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتعريضاً بالصهيونية والمجازر التي ارتكبتها....
نعتقد - تماماً - أن مصطلح (معاداة السامية) بات ورقة محروقة، بعد أن شهد العالم أن المجازر عنوان شخصيتكم وهويتكم يا (نتنياهو)، وأن صواريخ المقاومة تحاصر كيانك الغاصب من جميع الجهات، وليس لكم إلا أن تحملوا حقائبكم وترحلوا، وليس لكم في ذلك من عيب، حيث يقول أحد كتابكم (اليهود بالشتات أقوى، واليهودي وطنه حقيبته)
{فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ} (سورة يونس آية 102).