د. محمد بن أحمد غروي
أشارت دراسة حديثة عن العاملات الإندونيسيات، وكيف استطعن التكيف مع الظروف الراهنة التي يمرّنَّ بها، من خلال تطبيق عادات حياتية سميت بـ «الحياة الطبيعية الجديدة»، ممثلة في الحاجة المُلحة إلى الادخار؛ لمواجهة الحالة الآنية للمجتمع الذي يسهم بشكل أساسي في دفع عجلة نمو الاقتصاد الإندونيسي.
ومن المعلوم أن الحالات الطارئة والأزمات العالمية، تجعل الناس أكثر تقبلاً واستعداداً لترشيد الإنفاق بدلاً من تبديد المال في غير محله ولنا في حقبة الوباء المستجد خير مثال.
وأشارت الدراسة النوعية أيضاً إلى دوافع عديدة من لدن النساء للادخار رغم القيود والعقبات التي تواجههن، حيث خلصت الدراسة التي ركزت على الإندونيسيات العاملات بوجود ثلاثة دوافع وراء الهدف الكامن وراء سعي المرأة الإندونيسية للادخار. الدافع الأول توفير جزء من الدخل لديهن للمقدرة على دفع تكاليف تعليم أطفالهن، ثانيها حالات الطوارئ التي تجبر إلى بذل بعض من المدخرات المستقبلية لحاجات غير متوقعة لا يمكن للإنسان السيطرة عليها، والثالث متعلق بالركن الخامس، وهو ضرورة الادخار لأداء فريضة الحج.
طبعاً هناك اختلاف نوعي بين ثقافة الادخار وأسبابه ودوافعه بين المجتمعات، لكن الادخار قرار أسري مهم، يتمحور حول زيادة الأصول المتراكمة أو تقليل الدخل الحالي لتحقيق الأهداف المالية، كما أن هناك تفاوتاً كبيراً في معدلات الادخار بين الأمم، كما تسعى الحكومات إلى زيادة الوعي بثقافة الادخار لأسباب جمة من أهمها تأثير انخفاض معدلات الادخار في أي دولة يعد عاملاً مؤثراً في انخفاض معدلات النمو الاقتصادي.
تقرير مهم آخر لمركز «أسبار» أسهب عن ثقافة الادخار في الأسرة السعودية وتأثيرها على الاقتصاد الوطني متضمناً تصريحاً لمستشار محافظ البنك المركزي السعودي الذي بيّن فيه أن معدل الادخار لدى الأسر السعودية لا يتجاوز الـ 2.4 % من الدخل السنوي المتاح وهو معدل منخفض جداً مقارنة بالمعدل العالمي البالغ 10 % الذي يضمن الاستقلال المادي على المدى الطويل. الرؤية السعودية الطموحة سعت إلى تحفيز برنامج تطوير القطاع المالي على تنويع مصادر الدخل، وزيادة الوعي المالي وثقافة الادخار إلى نسبتها العالمية، وتعدد طرق التمويل ومشاريع الاستثمار، ليلعب دوراً أساسياً ومهماً في تحويل القطاع المالي السعودي إلى مركز قوة للنمو والتنوع الاقتصادي، من خلال إنشاء قطاع مالي حيوي وفعال.
نمر الآن بأسبوع المال العالمي الذي أقرته الأمم المتحدة وتدعمه قمة العشرين القادمة في البرازيل الذي يؤكد على أهمية توعية جيل الأطفال في سن مبكرة وتسليحهم بالمهارات المعرفية وتحويلها لمواقف وسلوكيات لازمة لاتخاذ قرارات مالية سليمة وتحقيق النجاح المالي في ظل تواجد المرونة المالية.