محمد سليمان العنقري
كتب عنها الكثير والمطالبات بالحلول لا تتوقف فأي رحلة سواء لمقرات العمل أو الجامعة للطلاب وكذلك المدارس بالإضافة للتسوق وغير ذلك أصبح أول سؤال يطرحه الجميع كم من الوقت احتجت للوصول للمكان الذي تتوجه له, فبكل تأكيد للنمو الاقتصادي ضريبة تدفع بزيادة سريعة في السكان بالمدن التي تزداد فيها المشاريع نتيجة لاستقطاب العمالة لها وهذا ما يرفع من الطلب على الخدمات وكذلك يزيد في الازدحام وهذه ظاهرة موجودة في جل المدن الكبرى بالعالم ولكن دائماً يتم العمل على إيجاد الحلول سواء قصيرة أو متوسطة أو طويلة الأمد وهذا ما يتم في الرياض حالياً من خلال مشاريع النقل العام سواء بالباصات أو المترو المتوقع تشغيله هذا العام بالإضافة لحلول فنية تتعلق بتطوير الطرقات والشوارع لكن نمو استخدام وسائط النقل بكل تأكيد أسرع من تنفيذ الحلول وهذا أمر طبيعي.
فالمشاريع التي تنفذ في الرياض ضخمة وبدأ العمل بها بوقت قياسي مثل مشروع القدية وكذلك المربع ومطار الملك سلمان بالإضافة للاستعداد لاستحقاقات ضخمة مثل إكسبو الرياض 2030 وكذلك استضافة بطولة أمم آسيا عام 2027 والحدث الأهم استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2034 وستكون الرياض أهم المدن التي تستضيف مباريات البطولة ومع موسم الرياض الذي أصبح أيقونة مهمة تستقطب الزوار له من كافة مدن المملكة بل حتى من دول الجوار فإن ذلك يعني زيادة أكبر في حجم الحركة المرورية على مدار السنة إضافةً لمشروع حديقة الملك سلمان وكذلك انتقال المقرات الإقليمية لشركات عالمية إلى المملكة واختيار أغلبها للرياض لتكون مقراً لها إضافة لمشاريع التطوير العقاري السكني بعشرات الآلاف من الوحدات السكنية والمشاريع الخدمية والترفيهية والفنادق التي ينفذها القطاع الخاص وأيضاً عدد المؤتمرات الضخم الذي يعقد سنوياً في العاصمة وبعضها ذو طابع عالمي مثل مؤتمر التعدين ومبادرة مستقبل الاستثمار وليب المختص بالتقنية وغيرها إضافة إلى أن عدد الهيئات الحكومية التي تأسست منذ سنوات قليلة ضخم ومقرات أغلبها الرياض مما زاد في الاستقطاب للموظفين من مدن أخرى أو من الخارج فكل ذلك وأكثر أيضاً زاد من عدد سكان الرياض وبالتالي حجم الحركة المرورية وقد يكون كل ما ذكر معلوماً لدى غالبية سكان الرياض لكن إلقاء الضوء على الأسباب مهم جداً لفهم توجهات مستقبل المدينة وكيف تتوسع لتكون واحدة من أكبر المدن اقتصادياً في العالم كأحد المستهدفات لرؤية2030م.
وسيقابل هذا النمو بالسكان والحاجة لتعزيز جودة الحياة حلول بالنقل وتقليل وقت الرحلات اليومية الذي يستنزف ملايين الساعات سنوياً من السكان وهذا الجانب له انعكاس سلبي اقتصادياً بزيادة معدلات استهلاك الطاقة سلبياً بحرق الوقود بالرحلات الخاصة وكذلك زيادة صيانة الطرق وخسائر غير ملموسة من خلال حساب قيمة الوقت المهدر للفرد وما يقابله من تقلّص بحجم إنتاجيته كمقارنة تعطي تصوراً عن ضرر الازدحام بما ذلك الأثر على صحة الفرد وزيادة الانبعاثات الكربونية ويمكن اعتبار أن الحلول طويلة الأمد ستشكل حلاً للازدحام بمشاريع النقل العام وأيضاً إنشاء الضواحي السكنية والتوسع الهائل بالخدمات الإلكترونية ومشاريع الطرق والأنفاق والجسور التي تنفذ, لكن على المدى القصير هناك حاجة للنظر بحلول مؤقتة وتراجع دورياً مثل العمل عن بُعد بنسبة لا تقل عن 25بالمائة من الموظفين من القطاعين العام والخاص أيضاً التوسع في النقل المدرسي والجامعي ليشمل الطلاب والطالبات مقابل رسم رمزي فسيكون لذلك دور مهم بتقليل عدد الرحلات اليومية التي تأتي من نقل الطلاب كما أن تغيير أوقات دوام بعض الجهات بالقطاعين العام والخاص لتكون بعد وقت جيد من بداية دوام المدارس له دور في توزيع الحركة المرورية إضافة لتغيير في تشغيل الجامعات فمقراتها تكلفت المليارات ويجب أن تستغل لوقت زمني أطول مما يعني توزيع دوام الطلاب على وقت أطول إضافة للتعليم عن بُعد لبعض المقررات النظرية.
الازدحام المروري كان متوقعاً في العاصمة الرياض بل وحتى المدن الكبرى بالمملكة وذلك بسبب زخم المشاريع الضخم التي تنفذ والتي سيكون له أثر اقتصادي إيجابي ضخم جداً لكن من الممكن أن تقوم أمانات المدن بالتعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص بوضع الحلول المناسبة لتقليل الازدحام خصوصاً في الرياض التي تشهد نهضة تتموية ضخمة.