خالد بن حمد المالك
لا يبدو الرئيس الأمريكي جوبايدن جاداً في كبح جماح رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو وحكومته المتطرفة لوقف ما يقوم به الجيش الإسرائيلي من حرب إبادة للشعب الفلسطيني في غزة، فما يصدر عن الرئيس الأمريكي شيء، وما يقوم به الجيش الإسرائيلي أمام أنظاره من عدوان شيء آخر، أي أننا أمام تمرد إسرائيلي على توجهات البيت الأبيض إن كان كلام الرئيس بايدن يعني ما يعنيه، وليس فقط للهروب من المسؤولية في جريمة القرن، مع أن الأسلحة والمعدات التي يستخدمها جيش العدو تعتمد بشكل كامل على إمداد أمريكا لإسرائيل بها بما لا يعفي بايدن من المسؤولية التاريخية.
* *
في المشهد الذي أمامنا يبدو الرئيس الأمريكي ضعيفاً أمام موقف رئيس وزراء إسرائيل، وتبدو تل أبيب أقوى من أن تُملي عليها واشنطن الأمر بتوسيع إدخال المؤمن من غذاء ودواء إذا كانت إسرائيل لا ترى ذلك، فهل ما يجري مجرد خلاف مفتعل لإلهاء المجتمع الدولي عن المجازر التي تقوم بها إسرائيل، أم أن لإسرائيل لوبياً قوياً في أمريكا يمنع الإدارة الأمريكية من أن تتصرف بما يغضب إسرائيل، أو يتعارض مع سياساتها، ما شل قدرات البيت الأبيض ليكون لاعباً مؤثراً في الحد من جرائم إسرائيل، وجعله مجرد ممول للجيش الإسرائيلي، دون أن تكون له كلمة.
* *
كل الافتراضات قائمة، ولكنها مع تناقضاتها فهي موظفة أولاً وأخيراً لخدمة إسرائيل، وجعْلها خارج سياق الهزيمة، أو حتى إضعاف قدراتها على أقل تقدير، بفضل الدعم العسكري والسياسي المفتوح لصالح سياسة تل أبيب، وحمايتها أمريكياً من أي إدانة لجرائمها ضد شعب يقع تحت الاحتلال.
* *
نعم تتغير الإدارات الأمريكية، ويسكن البيت الأبيض من يسكنه من الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي، والسياسة الأمريكية على ما هي عليه، والحالة لا تتغير، والموقف المعلن والواضح أن أمريكا ستظل في خدمة إسرائيل، على حساب حقوق الفلسطينيين، رضي من رضي وغضب من غضب، فمصالح الولايات المتحدة الأمريكية تتناغم وتتوافق مع السياسة الإسرائيلية، ولا تسمح واشنطن لأي عمل يمسها بالتغيير، ليس في حرب غزة، وإنما في كل فلسطين، ومنذ استلام واشنطن المهمة من لندن، وهذا نهجها وعملها وسياستها.
* *
لذلك لا تراهنوا يا شعب فلسطين على دور قادم ستقوم به أمريكا لإلزام إسرائيل بالموافقة على دولة أو شبه دولة، ولا تفرحوا بمعسول الكلام من الرئيس الأمريكي، واعتمدوا على أنفسكم في تقرير مصيركم، رغم صعوبة المهمة، وتكالب الأعداء عليكم، وتعاونهم في كل تصرف يحرمكم من حقوقكم، فأنتم أمام مؤامرة كبرى تشترك فيها وتمولها وتساندها دول كبرى، ومن يلتزم الصمت فهو ليس خارج سياق ما يكرّس احتلال أراضيكم.
* *
لقد ضحيتم في العصر الحديث بما لم يضح به شعب آخر من أجل هويتكم واستقلالكم وقيام دولتكم الحرة المستقلة، ولكن الإجماع الدولي تآمر عليكم، فصعّب عليكم المهمة، ومنعكم من تحقيق أهدافكم وأحلامكم، والوصول إلى تحقيق ما هو مشروع لكم، فابقوا على أملكم، وتطلعاتكم، والإصرار على استعادة حقوقكم، فما ضاع حق وله مُطالب، وأنتم أصحاب حق، فلا تفرطوا بما لكم من حقوق، ولا تتنازلوا عنها، ولا تستسلموا مهما بالغ العدو في القتل والتجويع والتهجير والزج في السجون، أعانكم الله.