سارا القرني
قصتنا.. إحداهنّ تقول: كنت متزوجة من رجل رائع ولطيف، لكن كحال كل زواج تقع فيه المشاكل، ويصبر أحد الطرفين على الآخر ويتحمل، ثمّ ما تلبث أن تصل الأمور لمفترق طرق وبشكل فجائي.. بحيث لا تملك من أمرك سوى الخيارات المطروحة أمامك «الصبر أو الفراق»، فاختار زوجي الفراق رغم أني لم أكن مخطئة وتحملت الكثير، فافترقنا.. ومضى كلّ شخص إلى حال سبيله يبتغي العوض من الله.
مضت الأيام.. وتقدم لي رجل ووافقت وعشت بسعادة، لكن بعد مدة وقع حادث على طليقي وأصبح طريحاً في المستشفى، فذهبت لزيارته والاطمئنان عليه، فعلم زوجي ما فعلت وغضب مني.. ثم طلقني!
لا تستغرب عزيزي القارئ.. لأنّ مواقع التواصل الاجتماعي ضجّت بقصص غريبة مثل هذه، كلها بؤس ملفّق، وأسباب طلاق تحثّ على معصية الزوج أو تحثّ على الخروج عن الشرع، لأنّك لو شاهدت الردود التي تأتي بعد قصص الطلاق التي ألّفها أصحاب بعض الحسابات.. ستجد أنواع الشتائم على الزوج الذي لا يحق له مثلاً أن يطلق زوجته لأنها زارت رجلاً غريباً عنها في المستشفى لتطمئن عليه وإن كان «طليقها»، أو تجد امرأةً تزوجت بزوج أخت طليقها لتنتقم منها، لأنها كانت السبب في طلاقها، أو أنْ تجد امرأة طلقها زوجها لأنها فضحت أخته بعد أن تعرفت هذه على حبيبها وهي تعرف أنه حبيب زوجة أخيها، فغارت المرأتان من بعضهما وكثرت الفضائح!
والأكثر غرابة.. هو أنّ كلّ قصة لا بد من إدراج حالة إنسانية للتبرع لها ومساعدتها في البداية أو النهاية، حتى تأخذ المشاهدات نسبة من المنطقية وأنّ أصحاب هذه الحسابات لديهم جانب إنساني جميل رغم غرابة القصص وعدم منطقيتها واستقطاب المشاهدات بأتفه الأساليب لكنهم يهتمون لعمل الخير، ولا أدري هل هي متاجرة بقضايا الناس، وليس الجميع سواسية بالطبع، فكل شخص مناط بنيّته ولا يعلم النوايا إلا الله!
بعض الحسابات.. لا نعرف من هم أصحابها، وأشك أن يكونوا سعوديين من الأساس، لأنّ ما ينشرونه من حالات طلاق أو مشاكل بين الأزواج وما يحدث بالعائلة الواحدة.. يندى له الجبين، ويدعو كلّ قارئ إلى الشك والتساؤل «هل فعلاً مجتمعنا متدين من الخارج ومنحل في داخله من الأساس»؟ وهذا الشك الذي يتفشى سريعاً بين مرتادي وسائل التواصل سيتحول إلى وسيلة دفاع عن كلّ حالة شاذة في المجتمع، فلو استنكر الناس واقعة حقيقية فعلاً.. وأدانوا فاعلها، لقال البقية «إنه شيء منتشر من قبل وقد سمعنا الكثير من القصص التي تحكي نفس الشيء، فلماذا تنكرون الآن وتدّعون الفضيلة» وشيئاً فشيئاً نتحول في أعين بعضنا إلى مجتمع منافق «يستنكر ويدين ما هو منتشر فعلاً ويدّعي أنه دخيل وليس من عاداتنا وأخلاقنا وديننا»!
لا بدّ من وقفة جادة لحسابات القصص التي تنشر كلّ غريب من جرائم وحالات اجتماعية تربي في النفس التعوّد على سماعها واستساغتها وتصديق أنها متفشية في المجتمع وليست حالات نادرة لا نقبل بها إطلاقاً.
لن أذهب بعيداً وأقول إنها مؤامرة تُحاك بعناية لهدم الكثير من القيم لدى شبابنا وبناتنا حفظهم الله، لكنها ليست بعيدة عن «نوايا خبيثة» بدأت ثمارها تتضح!