خالد بن حمد المالك
من يزور مدن المملكة بلا استثناء، سيرى أنها توشّحت برداء أخضر زاهٍ، أشجار وشجيرات وزهور تُزين ميادينها وشوارعها بما لم يحدث من قبل، وأراضٍ كانت متصحرة جرداء تحولت إلى أشجار باسقة، وهكذا هي المملكة، لم تعجزها قلة المياه، وندرة الأمطار، وقسوة الطبيعة عن عمل جبّار يقوم على تخضير المدن، ووضع ميزانية ضخمة لهذا الغرض، ضمن التغيير الشامل والمتعدد الأشكال للوصول إلى تحقيق جودة الحياة للمواطنين والمقيمين والزائرين.
* *
وامتداداً للمملكة الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، ها هو مجلس الوزراء يحدد اليوم (السابع والعشرين) من شهر مارس من كل عام يوماً رسمياً لـ(مبادرة السعودية الخضراء) بما يؤكد حرص القيادة على تحقيق الاستدامة البيئية باستمرار زيادة الرقعة الخضراء من جهة، وتوعية الناس بأهمية الانتقال ببلادنا من كونها أرضاً قاحلة جدباء، بلا زرع ولا ماء إلى ما نراه الآن بزيادة ونمو الغطاء النباتي وحمايته في ظل التغير المناخي على مستوى العالم، والحاجة إلى اتخاذ مثل هذا القرار.
* *
إن اختيار يوم 27 مارس من كل عام ليكون مناسبة وطنية توعوية تحت اسم (يوم مبادرة السعودية الخضراء) وذلك للاحتفال بذكرى إطلاق المبادرة في اليوم ذاته من عام 2021م أي للاحتفاء بإنجازات المملكة في مجال العمل المناخي، إنما يهدف إلى توحيد جهود أفراد المجتمع السعودي، وتفعيل دورهم في بناء مستقبل مستدام، وهو ما يعكس الرؤية الحكيمة للأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة العليا للسعودية الخضراء، والتزامه الراسخ بالتصدي لتداعيات تغيّر المناخ، وتسريع وتيرة العمل المناخي من خلال مبادرة السعودية الخضراء.
* *
وسوف يُسلط يوم مبادرة السعودية الخضراء لعام 2024م الضوء على أهمية تضافر جهود المجتمع السعودي لتحقيق الأهداف الثلاثة للمبادرة، حيث تم إنجاز 10 مبادرات من أصل 81 مبادرة منذ عام 2021م، واستثمار أكثر من 705 مليار ريال في مختلف أنشطة الاقتصاد الأخضر، وبهذا تكون الصورة واضحة أمام أفراد المجتمع السعودي للمشاركة في فعاليات النسخة الأولى من يوم مبادرة السعودية الخضراء، وذلك من خلال نشر الوعي والمعرفة، واتخاذ إجراءات فعلية لدعم أنشطة العمل المناخي، والترويج للمبادرة، سواء عبر الإنترنت، أو ضمن المحيط الاجتماعي.
* *
هذا عمل مهم، وقرار عظيم، ومبادرة تستحق التقدير، فتحديد يوم في كل عام للاحتفال والتوعية بهذا الحدث الكبير، يعني فيما يعنيه أننا أمام فرصة لتحسين الوضع المناخي في بلادنا، وإعطاء مسحة من الجمال لكل مدننا، وهذا يتطلب التعاون من الجميع في إحداث نقلة نوعية في التوعية والدعم والمشاركة، وعدم الاكتفاء بالجهد والدعم والتوعية والمتابعة من الدولة، وحسناً أن يكون هناك يوم رسمي في كل عام لتجذير القيمة المهمة لهذا الحدث الكبير، والاستمرار في نموه وتصاعده وتأثيره مناخياً وبيئياً رغم تحديات الطبيعة القاسية.