أ.د.صالح معيض الغامدي
يمكن تصنيف السير الذاتية بحسب المضامين أو الثيمات الغالبة على محتواها إلى ثلاثة أنواع رئيسة:
1. سير الحوادث والأفعال: يركز هذا النوع من السيرة الذاتية على سرد أبرز التجارب والأفعال الشخصية التي قام بها كاتب السيرة. ويتضمن ذلك سرد كل ما له علاقة بالأحداث المهمة التي وقعت في حياة الكاتب والمغامرات التي قام بها والإنجازات التي حققها والصراعات التي دخل فيها خلال حياته.. إلخ. وغالبًا ما تقدم هذه السير الذاتية نظرة ثاقبة لشخصية المؤلف واختياراته ونموه الشخصي.
2. سير الشهادة على العصر والمجتمع الذي عاش فيه الكاتب: وفيها يركز الكاتب على سرد ملاحظاته وتجاربه وتأملاته حول الفترة التاريخية أو العصر الذي عاش فيه. وفي هذا النوع تقدم عادة نظرة ثاقبة للسياقات المجتمعية والثقافية والسياسية والتاريخية على سرد الأبعاد الداخلية في شخصية المؤلف. وقد يناقش الكاتب تفاعلاته مع الشخصيات البارزة والتغيرات المجتمعية وتأثير كل ذلك على حياته الشخصية أحياناً.
3. سير النمو والتطور النفسي والاجتماعي والفكري لكاتب السيرة: وهذا النوع من محتوى السير الذاتية يركز على مساهمات المؤلف ومشاركته في الحركات أو التطورات الاجتماعية والثقافية والفكرية، إذ يقدم نظرة ثاقبة لأفكار المؤلف ورؤاه وفلسفاته ودورها في تشكيل المجتمع من حولهم أو التأثر به. وغالبًا ما تستكشف هذه السير الذاتية الرحلة الفكرية للمؤلف وأعماله الإبداعية وتفاعلاته مع شخصيات أو حركات بارزة أخرى، والتحولات المهمة التي حدثت في حياته.
ويجدر بنا أن نشير هنا إلى أن كثيراً من السير الذاتية يمكن أن تتضمن (وعادةً ما تتضمن) جوانب متعددة من كل هذه الثيمات، ولذلك فإن هذا التصنيف المقترح ليس قائماً على حضور هذه الأنواع من الثيمات أو غيابها بالضرورة بقدر هو ما مبني على نسبة هذا الحضور والغياب في كل سيرة ذاتية معينة. فبعض الكتاب قد يغلب أحد هذه الأنواع الموضوعية على النوعين الآخرين بوعي منه أم بغير وعي. وربما تكون الوصفة المضمونية المثالية للسيرة الذاتية هي التي توفق بين هذه الأنواع الثلاثة وتمزجها مزجاً يصعب تفكيكه، لتبرز حياة الذات الكاتبة في شموليتها وثرائها!!