علي محمد إبراهيم الربدي
تداول المواطنون يوم الجمعة الموافق 1445/8/27هـ عبر وسائل التواصل الاجتماعي (الواتس وتويتر) وفاة المعلم والمربي الداعية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن إبراهيم التويجري الذي ولد وتعلم بمدينة بريدة، ودرس فيها على الكتاتيب المطاوعة الكتب الدينية والعلوم الشرعية.
تخرج الشيخ عبدالعزيز من المدرسة الفيصلية بمدينة بريدة التى فتحت عام 1356هـ في عهد جلالة الملك عبدالعزيز- رحمه الله- ومنح إجازة التخرج من المدرسة الفيصلية بعد أربع سنوات من بداية التحاقه بها، تأهل بعدها للقبول بالدراسة بمعهد بريدة العلمى، وأثناء الدراسة كان يتردد على مجالس المشايخ والعلماء يطلب عليهم العلوم الشرعية كالشيخ محمد المطوع (الحميدي) والشيخ إبراهيم بن العبدالمحسن العبيد إمام المسجد الذى يصلي فيه أبو عبدالله، والشيخ إبراهيم من العلماء الذين فضلوا التدريس على القضاء في زمن كان راتب القاضي يساوي راتب المعلم تقريباً.
والمرحوم عبدالعزيز التويجري من طلاب الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد الذى عين بأمر من جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود قاضيا لمدينة بريدة وقبل أن يعين قاضياً كلف عام 1360هـ إماماً لجامع بريدة الكبير جامع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز.
ظل أبو عبدالله مرتبطًا بالشيخ عبدالله بن حميد رغم بعد المسافة، وكان يزوره بين فترة وأخرى خاصة عندما أمر الملك فيصل بنقله مشرفاً على المسجد الحرام عام 1384هـ.
درس الشيخ عبدالعزيز العبدالله التويجري بالمعهد العلمي في بريدة الذى افتتح عام 1373هـ وكانت مدة الدراسة بالمعاهد العلمية عند افتتاحها خمس سنوات، وتقبل خريجي المرحلة الابتدائية وبعض الطلاب الذين يدرسون على المطاوعة (الكتاتيب) وكانت تجرى لهم امتحانات قبول والشيخ من الطلاب الذين لحقوا على نظام خمس سنوات حين التحق بالمعهد ثم تغيرت مدة الدراسة فيها عام 1397-1398هـ لتصبح مدة الدراسة في المعاهد العلمية ست سنوات (المرحلة المتوسطة ثلاث سنوات) والمرحلة الثانوية ثلاث سنوات) بدلاً من خمس سنوات حتى يومنا هذا.
كان خريج المعاهد العلمية يقبل فقط بكلية الشريعة أواللغة العربية حتى أنشئت جامعة الامام محمد بن سعود عام 1395/1394هـ عندها تعددت التخصصات أمام الخريجين بعد أن كان قبولهم مقتصراً على كليتي اللغة العربية والشريعة الإسلامية، ثم فتح المجال لقبولهم بالكلية الأمنية والتى عرفت فيما بعد بكلية الملك فهد الأمنية.
تخرج أبو عبدالله من كلية الشريعة عام 1386-1387 وبدأ حياته العملية معلماً بالمعهد العلمي بالدمام ثم انتقل بعد سنة ليعمل معلمًا بالمعهد العلمي بالاحساء، ومن ثم رشح للعمل بالمعهد العلمى برأس الخيمة والذى كانت تشرف عليه كلية الشريعة بالرياض، وبعد أن أمضى سنتين هناك عاد إلى المملكة العربية السعودية ليعمل معلماً بالمعهد العلمي بالبكيرية ثم مديرا لمعهد القويعية الذى افتتح عام 1388هـ.خلفًا لمديره السابق الأستاذ حسين بن إبراهيم السبيت الذي تقاعد عن العمل.
استمر الشيخ أبو عبدالله مديرا لمعهد القويعية العلمي لمدة تزيد على أربع سنوات، ولكنه ترك التدريس والعمل بالمعاهد العلمية ونقل خدماته لوزارة الشؤون البلدية والقروية وعمل في بلدية بريدة حتى عام 1405هـ.
بدأ الشيخ عبدالعزيز يفكر في تأسيس مكتب لتوعية الجاليات أيام كان يعمل معلمًا برأس الخيمة وهو ما تم بالفعل فكان- رحمه الله- صاحب السبق بتأسيس أول مكتب لتوعية الجاليات بالمملكة العربية السعودية بدأها بفتح مكتب بطريق الملك عبدالعزيز (الخبيب سابقاً) في بريدة الذى يعتبر بداية لفتح أكثر من 220 مكتبا لنشر الدعوة بين الجاليات داخل المملكة العربية السعودية مع بداية عام 1402هـ.
استقال الشيخ عبدالعزيز عن العمل الحكومي وتفرغ لدعوة العمالة الوافدة التى تدين بغير الإسلام داخل المملكة إلى الدخول في الاسلام وكان يستقبلهم بالمكتب ويزورهم في أماكن تواجدهم مع فريق عمل يدعوهم للدخول في الإسلام بعد زيارتهم في أماكن تواجدهم ودعوتهم للمكتب بعد توفير جميع الخدمات والإمكانات التى يحتاجون إليها كطباعة الكتب والمنشورات وتجديد الإقامة وإقامة المحاضرات والندوات والاحتفالات وتوزيع الجوائز والحوافز المالية بالإضافة لصرف المساعدات ورعايتهم مع أسرهم وتشجيعهم ومساعدتهم على تأدية الحج والعمرة بتوفير المصروفات والالتزامات المالية على حساب المكتب.
ترأس أبو عبدالله لأكثر من ثلاثين عاما مكتب الجاليات بمدينة بريدة تمكن خلالها من تأسيس أكثر من 220 مكتباً لتوعية الجاليات ودخل الإسلام أكثر من عشرين ألف شخص سنوياً ما بين ذكر وأنثى، وظل يشرف على تلك المكاتب مع مجموعة من المحتسبين حتى الحقت بوزارة الشؤون الإسلامية التى صارت تشرف عليها وتدعمها بالمال والدعاة وجميع المتطلبات حتى يومنا هذا.
والشيخ عبدالعزيز ينتسب إلى أسرة التويجري أسرة عريقة من أكبر الأسر التي تقطن منطقة الجزيرة العربية ويتوزع أفراد الأسرة بمدينة بريدة والقرى التابعة لها، منهم من يسكن بالطرفية، ومنهم من يسكن بالقصيعة، وآخرون يسكنون بضراس وجميعهم يرجعون إلى جد واحد ويرتبطون بأسرة التواجر الذين يسكنون بمحافظة المجمعة، ومن هذه الأماكن توزع بعضهم بمناطق المملكة وخارجها وهم من أكبر الأسر والقبائل التى تسكن الجزيرة العربية أهل حسب ونسب يرجعون بنسبهم إلى قبيلة عنزة وجدهم الأول هو عنزة بن أسد بن ربيعة العدنانية.
وهم أهل علم ودين ورجال عمل وتجارة نجحوا في إدارة المشاريع الزراعية والمؤسسات التجارية وتقلد الكثير منهم مناصب قيادية بالدولة أخلصوا فيها لدينهم ومليكهم ووطنهم ومنهم الشيخ عبدالعزيز العبدالله البراهيم التويجري الذى ودع الدنيا يوم الجمعة 1445/8/27هـ وتمت الصلاة عليه بجامع الشيخ محمد بن عبدالوهاب ببريدة بعد صلاة العشاء ودفن بمقبرة الموطأ الواقعة جنوب مقبرة الموطأ الشمالية المطلة على طريق الملك فيصل.
نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان (إنا لله وإنا إليه راجعون).
وعزاؤنا لأبنائه وإخوانه ولأسرة التويجري خاصة وللمسلمين عامة إنه سميع مجيب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: (إنا لله وإنا إليه راجعون) وإنا على فراقك يا أبا عبدالله لمحزونون.
والصلاة والسلام على النبي محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.