د. سامي بن عبدالله الدبيخي
فازت مدينة ملبورن الأسترالية على المستوى الدولي بلقب «المدينة الأكثر أنسنة وحيوية» The most liveable city لعدة سنوات في منافسة شديدة مع مدينة فانكوفر الكندية، وقد عشت فيها لمدة (7) سنوات. تستهدف, مدينة ملبورن تفادي التوسع العمراني -المكلف في توفير الخدمات والمرافق- بالسماح للمطورين العقاريين برفع الكثافات في الأحياء لاستيعاب الزيادة السكانية وذلك في ضوء النمو السكاني الذي تشهده #المدينة والذي فاق كل التوقعات في خطتها السابقة 2030.
إلا أن هناك من يشكك بالمبادرة ويرى عدم الجدوى من زيادة الكثافة العمرانية في ظل غياب ربطها بتقديم خدمات النقل العام: قطارات وحافلات بشكل أكثر فاعلية، مؤكداً على أهمية تكامل الشكل والتركيبة العمرانية للمدينة مع محطات ومسارات النقل العام وعدم رفع الكثافة بشكل كبير. وفي ضوء توقع الزيادة السكانية بمقدار (141 %) خلال الـ(15) سنة القادمة، هناك من يرى أن الزيادة السكانية والتوسع العمراني يتطلب ضبط علاقة توازن ما بين مواقع السكن- مناطق الوظائف - وسائط التنقل/ الوصولية، مع أهمية إعادة التفكير في رسم الصورة المستقبلية للمدينة وإعادة النظر في تخطيطها ودراستها وفق منظور إقليمي (علاقتها التنموية التكاملية مع المدن التابعة).
يسعى المخطط الاستراتيجي الحالي لمدينة «ملبورن 2050» لتعزيز أنسنتها وحيويتها مع تيسير الوصولية فيها. ويتم ذلك بالاعتماد على فكرة المدينة متعددة المراكز والوظائف والمربوطة بخطوط نقل عام فعالة مع تبني مبدأ المجاورات السكنية والأحياء المعتمدة على نفسها بتطبيق مفهوم مدينة الـ 20 دقيقة كزمن رحلة مشياً من البيت للأنشطة والخدمات تحقيقاً للاكتفاء الذاتي مع ضمان ثلاثية السكن والعمل والترفيه في نطاق المجاورة.
تقوم جميع بلديات المدينة بالتعاون مع أصحاب المصالح فيها على تطبيق هذا التوجه العمراني وباعتباره محور ارتكاز للتطوير الشامل للمدينة، بحيث يتم توفير جميع خيارات السكن، والساحات والأماكن العامة الجاذبة مع توفير وسائل النقل العام الفعالة وذات الاعتمادية العالية، ومسارات المشي، والأنشطة والخدمات لدعم احتياجات السكان اليومية عن طريق تعزيز تواجد المنشآت التجارية الصغيرة في المجاورات السكنية.