د. سامي بن عبدالله الدبيخي
ستخلع #الرياض ثوب «شكلها العمراني» النمطي الذي لازمها لعقود طويلة لتنتقل من إستراتيجية الشكل العمراني «الشبكي» الموجه للسيارات Car-oriented City Strategy إلى إستراتيجية المركز القوي Strong-centre Strategy حينما يبدأ قريباً تشغيل «كامل شبكة النقل العام» (قطارات وحافلات) ليساهم بخطة التوسع والتحول الاقتصادي والسكاني للمدينة وتعزيز البعد الإنساني في البيئة العمرانية.
تختلف الأشكال العمرانية للمدن على مستوى العالم. وقد حصرها J. Michael Thomson في خمسة أشكال لخصها في كتابه الشهير «المدن العظيمة وحركة النقل فيها» Great Cities and Their Traffic، الذي استعرض فيه تحليل ما يزيد عن ثلاثين مدينة عالمية.
أولاً: «الشكل الشبكي» full motorization وتطغى عليه #الطرق لزيادة تنقل السيارات وتميزه الأشرطة التجارية ومناطق الأعمال المتناثرة، وهذا ما يمثّله الشكل العمراني الحالي لمدينة الرياض.
ثانياً: «الشكل ذو مركز المدينة الضعيف» weak-centre strategy الذي تسانده بعض المراكز الأصغر على مستوى الأحياء وتسيطر عليه الطرق الدائرية والإشعاعية المؤدية لوسط المدينة ويحتوي على شبكة قطارات محدودة لخدمته.
ثالثاً: «الشكل ذو مركز المدينة القوي» ويتميز بشبكة من الطرق الإشعاعية تربطه بمراكز فرعية متعددة الوظائف بفضل شبكة متكاملة وفعَّالة للنقل العام تصل منظومة المراكز عوضاً عن الطرق السريعة التي ستقتصر فقط على أداء الدور المنوط بها حسب الشكل المرفق. وهذا بالضبط ما هو متوقع لمدينة الرياض بعد اكتمال تشكل الكثافات والاستعمالات المختلطة حول المراكز وعند محطات النقل العام وعلى محاوره.
رابعاً: «الشكل ذو التكلفة المنخفضة» low-cost strategy وهو خاص بالمدن الفقيرة لعدم قدرتها المالية على الاستثمار بالقطارات والطرق السريعة وأيضاً عدم قدرة معظم المجتمع على تملك المركبة الخاصة، وفي هذه الحالة تنتشر شبكات الباصات في المدينة لتجوب الطرق الشريانية التي تربط المراكز الفرعية.
خامساً: «الشكل العمراني الذي يقلل من الاعتماد على المركبة الخاصة» traffic-limitation strategy ويدعم استخدام النقل العام ويتميز بشبكة مسارات للقطارات والباصات لها الأولوية على الطرق وذات سعات عالية وتقاطر منتظم واعتمادية عالية. يدعم هذا الشكل منظومة مراكز فرعية متعددة الوظائف على مستوى قطاعات المدينة ومرتبطة فيما بينها وبين وسط المدينة. وهذا ما أطمح أن تكون عليه مدينة الرياض كمرحلة لاحقة بعد إتمام تطبيق النموذج الثالث بنجاح.
يركز «منهج التحضر العضوي» في علم التخطيط العمراني على الخبرة المتراكمة والتدرج في التغيير والأهم إدارته. لذلك أعتقد أن المشاريع الكبرى الجديدة في الرياض ستعتمد على #النقل_العام وستأخذ توسع الشبكة في الاعتبار. وهناك حالياً مبادرات طيبة لتوجيه «التركيبة العمرانية للمدينة» وإعادة صياغتها عند المحطات وعلى المحاور بما يعزز تشغيل شبكة القطارات وزيادة عدد الركاب، مع استمرار تعزيز البيئة العمرانية الموجهة للمشاة، لتعود الفراغات العمرانية (الشوارع والساحات) لخدمة الإنسان وتتخلص من هيمنة السيارة.