نوف بنت نايف
في رحاب هذا الصرح العريق، حيث تحتضن الجدران العتيقة أنفاس الزمن القديم، يتجسد أمامي عالم الأميرة حصة بنت أحمد السديري -رحمها الله. كأنني سربت في ممر الأيام السابقة، لأعايش لحظاتها الخالدة، واستشرف روح عصرها الأصيل.
فهنا، في غرفة النوم البسيطة، حيث المراتب الناعمة والخزائن المنقوشة بأنامل الفنانين، تتراءى لي صورة الأميرة وهي تستكين لراحة الليل، بعد يوم حافل بالأعمال الصالحة. وكأني أسمع همساتها الهادئة.
وفي روضة الجنان تلك، حيث تعانق الأزهار الرقيقة أشعة الشمس الدافئة، ألمح الأميرة جالسة بين رياحين الجنة، كأنها تصغي إلى الطبيعة الساحرة، وتتأمل جمال الخالق في خلقه.
وفي قاعة الضيافة، المزدانة بالفنون الرائعة والزخارف البديعة، صور للأمراء والملوك وهي تستقبل ضيوفهم بالكرم والترحاب، مصداقاً لقيم العرب الأصيلة في كرم الضيافة وإكرام الضيف.
وفي المكتبة الصغيرة، حيث تكتنز بين جنباتها كنوز المعرفة والحكمة، من الكتب والمخطوطات.
وفي زاوية الصلاة الهادئة، أشعر بخشوع الأميرة وتقواها، وكأنها تناجي ربها بقلب خاشع، سائلة إياه العون والتوفيق في مسيرة حياتها.
وبين الممرات الضيقة، حيث تعلق اللوحات الفنية والصور الشخصية للأمراء والملوك، أقرأ سيرتها العطرة، وأستشف روح عصرها الزاهر، الذي كان شاهداً على مآثرها وفضائلها الحميدة.
بعد هذه الرحلة السّاحرة في رحاب هذا البيت التاريخي، أغادر وقلبي ينبض بالإكبار والتقدير لهذه الشخصية النادرة، الأميرة حصة -رحمها الله - التي سطرت بحياتها ملحمة من العطاء والفضائل، وتركت لنا إرثاً ثقافياً وحضارياً نفتخر به ويحفزنا إلى السير على دربها المضيء.