سهوب بغدادي
«كم هي لطيفة، كم هو لطيف!» قد تأخذ معنيين، الأول جيد وإيجابي والآخر سلبي، حيث أطرح لكم في مقال اليوم لعنة اللطف، عندما تكون إنسانًا لطيفًا، ربما لطيف أكثر من اللازم، للدرجة التي تغفر فيها وتسامح وتداري إلى آخر قائمة التنازلات، نعم، إنها عادة مقيتة، هناك مقولة باللغة الإنجليزية ترجمتها «اقتلهم باللطف» kill them with kindness ولكن هل تساءلت يومًا عما إذا كانت تلك المقولة عقلانية أو صحيحة؟ قد يكون بعض اللطف ما ينقص عالمنا اليوم، إلا أن الكلمة اتخذت منحى مختلفًا باعتبار الفعل المنوط بها، فعلى سبيل المثال من يسكت عن حقه ويختار اللطف، أو يتجاهل إساءة متكررة ويبدي اللطف، وهكذا، فهل يعد لطفه لطفًا؟ الإجابة تنبع من الإنسان اللطيف نفسه، من تلك الدوافع الخفية والعراقيل النفسية، فمن يختار اللطف وهو يمتلك خيارًا آخر ويستطيع تنفيذه، فهو حقًا لطيف، وفي حال اختار اللطف وهو الخيار اليتيم، فلا يحتسب ذلك لطفًا، بل يعتبر اللطف ضعفًا، فما أجمل اللطف في قوة، وما أقبحه في مواطن الضعف، إننا في بعض الأحيان نؤطر سقطاتنا وصراعاتنا بغلاف اللطف، وهو قشرة فقط تخفي خلفها ما رُدم من الشروخ السحيقة، وقد يظل الإنسان يخادع نفسه قبل مخادعته للآخرين، ويهون على نفسه بما أصابه من مدلهمات بأنه لطيف وطيب، ولكن هل أنت فعلًا طيب ولطيف، أم أمر آخر لم تتمكن من طيّه وتصحيحه.
فلتكن لطيفًا بشروط، أن تكون صاحب قرار، واختيار، واعتبار.