علي حسين (السعلي)
ما مدى صحة هذه المعلومة كقول أحدهم:
إن الشِعْر ابتدأ بامرئ القيس، واختتم بالمتنبي؟
وهل تؤمن بأن يكون الكاتب شاعرا أو الشاعر كاتبا تاريخيا في الدولة العباسية من مثل الثعالبي والمعري وغيرهما؟ وماذا نقول حول رأي ومقولة الصاحب بن عباد في مقولته الشهيرة [بدئ الشعر بملك وختم بملك -طبعا يقصد امرأ القيس وأبا فراس الحمداني-]
وهل عصر الكتّاب والشعراء اليوم انصرفوا إلى التقليد الهزيل الذي آثره معظم شعراء عصرنا اليوم وانصرافهم إلى غير الشعر كالنثر والفلسفة والعلوم؟
مما قوّض الأفكار التي لو تطورت لكان لها شأن آخر!
طيب هذا الزمن الذي نحن فيه يقترب قليلاً من زمن الدولة العباسية -شِعْريًّا- في نصفها الثاني طبعا هذه من وجهة نظري تخصّ تحليلي ونزر من قراءاتي في هذا الشأن في ذاك الزمان أخذ الشعر بالجمود والتدهور في معانيه وأساليبه رغم دخول الثقافات الأجنبية نتيجة الترجمة والتعريب حتى آتت أكلها في كل ميادين العلوم من لغة وأدب وفن وفلسفة وغير ذلك، وهذا لا يمنع أن تلك الفترة برز شعراء لهم قمته وأسلوبهم المتفرد كالمتنبي وأبو العلاء المعري وأبو فراس الحمداني وغيرهم لكن بعد هؤلاء انحدر الشعر وجمد وذبل، وأنا اقرأ هذه المعلومات صابتني حُمّى تهامة في عز البرد، عن وضع الشعراء والكتاب ولكن أخص مقالي هذا معظم شعراء 2024.
العصر الذي أكتب منه وإليه فكيف أشرح ما وصلت إليه وأنا لا أستطيع خجلاً ذكر أبيات لقائلها حتى أقابل بالتعدي على اسمي وترك ما كتبت كالعادة نشخصن الأمور وندخل في الذمم الله المستعان! فكتابتي هنا مجملة وإن استعنت ببعض أبيات لتدعيم فكرتي فعلى بركة الرحمن نبدأ، انطلقوا معي رابطين أحزمة الأدب نطير للسماء الثامنة:
يقول أحدهم:
تغفين في جفن الحكايا طفلةً
والفجر يكتب للحياة رسالتين
إحداهما بالنور يعزف لحنها
ويدندن الأخرى على قيثارتين
ماذا نقرأ شاعر لأبيات لم تأتِ بجديد بل ربما ذبول في المعنى والأسلوب، انطروا طفلة وهل الطفلة مما يتغزل بها؟ وهب أننا سلمنا بذلك فأين وجه الشبه بين طفلة والبراءة تحوطها وبين جفن محبوبته التي لا يراها جميلة إلا هو! وهذا من حقه ولكن من حقه علينا وهو المبدع أن يأتي بما لم يأتِ به الأوائل أو على الأقل في نفس المستوى «أهاهيييه»...
وكلمة رسالتين الله اقرؤوا بساطة المعنى فما هي تلك الرسالتين:
اللحن أخذ من نورها تذكرت جملة قالها الفنان عبدالله السدحان في طاش ما طاش...
سأكتفي هنا فأنا اقرأ الأبيات وأنقدها، أما الأسماء فلها تجربتها واحترامها...
ونذهب لشاعرة أخرى برزت واستفردت ومالت بسطرها واستحكمت ولعلي أذكر اسمها حبًّا في مفرداتها وقميص معانيها حين تلبسه وتلقيه من فيها معطراً بأجمل الكلمات الشعرية، إنها الشاعرة هند المطيري، هذي التي حين اقرأ لها نصاً تجعلني اسكر من جمال اللفظ والمعنى لا بساطة معنى ولا سذاجة مفرداتها، بل أكاد أجزم أن هذه الشاعرة تولي ألف حساب لمتابعيها وقرّائها ولا تسخر من متلقي إبداعها وسأختار أبياتا تدعم ما أراه:
لكـل امـرئ من دهره ما تعودا
وعادات نفسي أن تنال التفردا
يُنادي عليّ الفوز بالاسم، إنّني
لأُذكرُ عند الفوز في كل منتدى
شطر البيت الأول تماهى مع الشاعر العظيم المتنبي حين مدح سيف الدولة ألا تكفيك فخراً هذه الأبيات انظروا لجمال الثقافة حين استحلبت بشطر بيت للمتنبي وهو المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس، وكذلك هي أرادت ربما أن تتحداها بطريقها الشاعرية والشعرية فهي تحب التفرد في كل شيء، هنا ما قصدته من جمال معنى وتفرّد في الأسلوب فهند المطيري تتكئ على أصالة اللفظة وحداثة المعنى والحقيقة كلما أقرأ لهذه الشاعرة وأسمع إلقاءها أنزوي وأضع يدي على خدي وأقول:
ما شاء الله! الحمد لله لا يزال الشعر بخير!
وأختم ما كتبه الصديق على فايع في أحد منشوراته حين كتب على صفحته (ما أكثر الشعراء وما أقلّ الشِعْر)
سطر وفاصلة
الشِعْر وردٌ ممهورٌ بأمي
عشقتُ الحرفَ راقصا بدمي
كلماتي يا عطر سطري
يا نفث آهاتي وأنّات همي
كنتُ معتقدا بأن فرحي
حين انطق اسم أمي
وإذا بي أحلّق فوق الغمام
متهاديا غيث شوق أمي
أمي يا لغة البيان مفردةً
تعالي سأقول لك سَمّي
غني لي بحرفك مهدهدا
والدمع يسابقني أين أمي؟!