حصة مروان السديري
بتاريخها العريق الذي يعود لآلاف السنين، كانت مركزًا تجاريًا وثقافيًا هامًا في العصور القديمة، وشهدت تعاقب العديد من الحضارات والممالك التي أغنت تراثها. في النصوص التاريخية القديمة، بما في ذلك الكتابات الآشورية والبابلية، تم ذكر تيماء كموطن لمجتمعات مزدهرة اعتمدت على الزراعة والتجارة، مؤكدة على أهميتها الاقتصادية. تذكر وثيقة أن تاجرا من تيماء يدعى «حماني ال» كان في طريقه إلى ملك بابل، كانت تيماء وبلاد الرافدين تربطهم علاقة اقتصادية يعود النص إلى فترة حكم الملك «آشوربانيبال» 668 - 627 قبل الميلاد، تعد هذه الوثيقة اقدم وثيقة معروفة حتى الآن عن التجارة العربية.
العرب كانوا يسيطرون بشكل كامل على طرق التجارة في الجزيرة العربية، موجهينها لتخدم توجهاتهم السياسية والاقتصادية، مما حرم دولة بابل من موارد التجارة العربية. هذه الأوضاع الاقتصادية المتردية دفعت الملك البابلي «نبونيد» سنة 556 قبل الميلاد لاستيلاء على تيماء والمكوث فيها عشر سنوات متتالية دون العودة لبلاده.
بالنسبة لملوك تيماء، فقد تم ذكر الملك «يتر» في المصادر التاريخية وتكشف النقوش القديمة المكتشفة في المنطقة عن وجود سلطة محلية أو ملوك آخرين. خلال الفترة النبطية المتأخرة، كان «عمرو بن عدنان» رئيسًا لتيماء، و»عدنان بن حبي» حاكمًا لمدينة الحجر في العام 400 ميلادي، مما يؤكد على استمرارية الحكم المحلي عبر العصور.
تيماء اليوم، تعتبر موقعًا أثريًا غنيًا يضم آبارًا قديمة، ونقوشًا صخرية تعكس تاريخها الطويل والعريق. من بين المعالم البارزة المواقع الاثرية وبئر هداج، الذي يُعد من أقدم الآبار في العالم ويشهد على العمق التاريخي والحضاري للمنطقة.