محمد بن عبدالله آل شملان
الروح الخيّرة لا يمكن أن تذهب بذهاب الجسد، حيث ستظل مآثرها وأفعالها وبصماتها حية على مدى الأزمان، سواء أكان ذلك الخير خاصاً اتجاه فرد أو أفراد معيّنين، أم عاماً تشمل دائرته مجموعة كبيرة.
هذا هو ما تجسّد في أفعال الأميرة العنود بنت عبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود - رحمها الله - زوجة خادم الحرمين الشريفين ملك المملكة العربية السعودية فهد بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله -، التي سخرت ثلث إرثها في أوجه الخير وما يخدم الإسلام والمسلمين، من خلال مؤسسة العنود الخيرية.
فمشروعها الوقفي «مؤسسة العنود الخيرية»، وصفه سمو الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس أمناء مؤسسة الأميرة العنود الخيرية ومؤسسة العنود للاستثمار العشري بأنه نفع عام، والنفع العام هو ديدن وعادة ورثوها عن قادتهم، ابتداءً من الأب المؤسس - طيب الله ثراه - الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، ثم الملك سعود والملك خالد والملك فهد والملك عبدالله - رحمهم الله-، ووصولاً لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله - الذي كان داعماً للمؤسسة منذ التأسيس، ولم تكن سوى تحقيق رؤية الأميرة العنود ، رحمها الله -، التي حرصت على كتابتها - رحمها الله - في 12-8-1387هـ الموافق 14-11-1967م وعمرها آنذاك «27» عاماً، لأن رؤيتها - رحمها الله - واضحة ومباشرة، فالوقف الخيري له الأثر الكبير في دعم التنمية والعمل الخيري، وتحقيق نهضة وتقدم المجتمع.
«مؤسسة العنود الخيرية» كانت في البدء حلماً، ولكنها أضحت حقيقة ماثلة، تراقبه مؤسسات الوطن والعالم أجمع، للاستفادة من عوامل نجاحها، لما وفرته من برامج، قد تغيّر مجرى بناء العقل الخيري السعودي المتعلقة بالزمالة الدولية للاقتصاد الاجتماعي والزمالة الأوروبية العربية في الأوقاف والزمالة الأوروبية العربية في إدارة المنظمات غير الربحية، وعلى متنها دخلت المؤسسة الاستدامة المالية التي غذت استثماراتها الوقفية.
وبدأت المؤسسة أعمالها عام 1420هـ، في ظل وجود أبناء بررة تدرك تماماً وجوب تنفيذ وصية الأم الراحلة، ولم يكن هذا ليتحقق بدون وجود الإصرار على تجاوز التحديات، بفضل أمناء وأعضاء يدركون تماماً معنى التأثير في المجتمع بمختلف فئاته وشرائحه، أمناء وأعضاء نجحوا في تحطيم السقف الذي يحدد طموحاتهم كمؤسسة ومجتمع، ولولا ذلك لما كان إعمار الأرض وتمكين سواعد الإنسان، ولم تتمكن من إحداث الفوارق الإيجابية كل يوم في ظل دعم القيادة، فأضحت نموذجاً في وطن يحرص على التنمية المستدامة.
لقد حققت إدارة الدعوة والوصية في مؤسسة العنود الخيرية خلال عام 2023م منجزات، تحت إشراف نائب مجلس الأمناء رئيس اللجنة التنفيذية الأمير سعود بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود ، من أبرزها تنفيذ 6200 سلة رمضانية، و78300 وجبة لإفطار الصائمين.
كما قدمت المؤسسة، ما يقارب الـ 3024000 عبوة ماء سقيا للصائمين، وتكفلت بعمرة لـ2940 معتمرًا، ومحطات التحلية والآبار بما يقدر بـ163687 ريالًا.
ووزعت مؤسسة «العنود الخيرية» 6370 مطوية لركن النقل الجماعي، وساهمت في استفادة 4393 طالبة من دور التحفيظ النسائية. واحتضنت منصة العنود الإلكترونية، 1056 طالبة، و30 مركز تحفيظ قرآن. وقُدرت قيمة جهود «العنود» الإغاثية بـ226 ألف ريال، ورعاية الأقارب 2262625 ريالًا، والمساعدات الفردية بـ265470 ريالًا.
كما تكفلت الأنشطة العلمية، بـ483500 ريال، ونفذت «العنود» طباعة الكتب بقيمة 22216 ريالًا، وخصصت 332 ألف ريال للدعوة إلى الله، وعملت على بناء مسجد في إندونيسيا، إلى جانب عدد من الأعمال الخيرية الأخرى.
هذه البصمات الخالدة من الخير، وروح الخير والإحسان، التي أنارت الدروب بضياء العطايا والمكارم، أدخلت كثيراً من الأمان والطمأنينة والسرور في نفوس هؤلاء الذين كانوا ينتظرون أحياناً كسرة خبز أو قطعة لحم، ليقيموا أودهم وأود أسرهم، ويسكتوا صوت أمعائهم الخاوية، ناهيكم عن الضرورات الأخرى من العقل والملبس والكتاب والنوم السعيد.
«الأميرة العنود» ابنة سعودية الخير، سليلة أسرة عريقة وكريمة، لم تعرف إلّا مدّ يد المساعدة للمحتاج في مختلف بقاع الأرض، ولا يسعنا إلا أن نقول إلّا: رحمك الله يا فقيدتنا الغالية، سيبقى اسمك باقياً والشواهد شامخة.