د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
عندما صدر قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 631 وتاريخ 8-3-1445 المتضمن تحويل تطوير المناهج في وزارة التعليم إلى مركز مستقل لتطوير المناهج تحت مسمى (المركز الوطني للمناهج) استبشرنا بالمدد والعدد والعدة التي حملها القرار الموقر وما تضمنه من تنظيمات سوف تنقل المعرفة إلى سياق الأداء من خلال مناهج وطنية موقرة بعد حوكمة المناهج الحالية التي أضناها المسير فضلت الطريق! وحتى يحقق المركز الوطني للمناهج مستهدفاته الوطنية لا بد أن ينطلق في إستراتيجياته من نظام تعليمي متين تقرُّه الدولة -رعاها الله - حتى تكون قرارات المركز الوطني للمناهج ذات ثبات لحضورها في مصبات متينة وإن كانت مستقلة! فلا بد من التخطيط الممنهج لحيازة عبقرية الاستخدام عندما تتعدد مهام المركز الوطني للمناهج! والآمال ترقبُ أن يقوم المركز بوجَبَات تفي بحاجة الناس وتطلعاتهم، وتسد الاحتياج الوطني التشغيلي، وموجز ذلك أن لا تُحيّد السياسات التعليمية إستراتيجيا! فالتخطيط في المركز الوطني للمناهج ينبغي اتساقه مع الإستراتيجية الوطنية للتنمية البشرية! وتحقيقاً لما يمكن اعتباره تحولاً كبيراً في خارطة الطريق نحو الوصول إلى سوق العمل الوطني بإبداع واقتدار عقلي ومهني يحقق التنافس الأعلى وفق إستراتيجية تُنقّبُ أولاً في المناهج التعليمية القائمة؛ ثم تنقذ مسيرة المعرفة من بعض اللوائح والأنظمة التي تتقاطع مع الأهداف المتوخاة من التحول التعليمي العصري والحضاري، ثم تنقى المناهج من السرد الجاف والنقل المبصوم والتتابع المقلد ومن ثم تصنع قوالب شتى للمعلومات تفي وتكفي لتشكيل مهارات متعددة، ومن المتكآت التي تؤصل للمناهج الوطنية أن يصدر اعتمادها من أعلى سلطة في البلاد بقرارات ملكية كريمة ولا يملك أحد تعديلها مهما تعاقب الأشخاص إلا بأداة قانونية لضمان التراكم في الخبرات وتأصيل المفاهيم وأن تُشارك في إعداد المناهج وبنائها كل الانتماءات الوطنية بدءاً من وزارة الثقافة «حزامنا الذهبي الجديد» ووزارة الإعلام إضافة إلى الوزارة الأم (التعليم) إضافة إلى كل مؤسسات الوطن وكياناته لما يستوجب من شموليتها واستيعابها لكل مفردات التشكيل الوطني الهوية والإرث الديني والتاريخي والثقافي وكل متعلقات الوطن وعلائقه وحتى لا نضطر للعودة الموسمية لمربع الصفر كلما جاءت قيادة تعليمية جديدة أو استحدثت مشاغل تعليمية جديدة!
أما النسيج الذي تتشكل منه المناهج فينبغي حتماً أن ينطلق من خيوط عالمية تتجه لمواكبة أحدث نظريات التعلّم وأن يكون الطالب محوراً رئيساً للعملية التعليمية وأن يكون المعلم ميسراً وموجهاً لأن صياغة المناهج المنفذة حالياً فرضت على المعلم فروضاً غُيِّب من خلالها دور الطالب!
نحن في عهد جديد أساسه الحوكمة وإيجاد المرجعية القانونية لكل شيء فلا بد من تأسيس ذلك في أهم مجالات التنمية الوطنية وهو التعليم لينهض بالمجتمعات ويحقق التطلعات الوطنية نحو بناء القدرات البشرية ليكون الطلاب السعوديون منافسين عالمياً، فالمناهج المحكم بناؤها هي الوسيط الفاعل لإعداد القوى العاملة الوطنية ومن المرتقب في المركز الوطني للمناهج أن يرتبط بشبكة غنية من التحالفات مع المجتمع ومؤسساته وشراكات واسعة من الاتصالات متعددة الوسائط.
وختاماً نرقبُ في سياسة المركز الوطني للمناهج تجديداً بِكراً في المنطلقات وتحديثات صديقة لمتطلبات المناهج، وبالله التوفيق.