م. بدر بن ناصر الحمدان
هل شعرت يوماً ما بأن ثمة شيئاً لا يسير على ما يرام في حياتك، قد يكون أحد أهم الأسباب وراء ذلك أمر تحسبه «هيّناً، وما هو بهيّن»، شيء قد لا يمتلك أحد الشجاعة لأن يخبرك به، لأن ظاهره قد لا يكون مُقنعاً بناءً على العقلية السائدة، والصورة الذهنية التي تم بناؤها تراكمياً خلال فترة تقليدية مضت.
«لَيَأْتِيَنَّ علَى النَّاسِ زَمانٌ، لا يُبالِي المَرْءُ بما أخَذَ المالَ، أمِنْ حَلالٍ أمْ مِن حَرامٍ»، ما أود إخبارك به، أن العمل «أمانة» أمام الله، وهو عقد بين الموظف وبين جهة العمل، وما تتقاضاه من أجر لعمل لم تنجزه أو كسبته بغير حق هو (مال غير مشروع) سوف (يُستوفى ويُستقطع) منك عاجلاً أم آجلاً و(ستدفع ثمنه) يوماً على هيئة «خسائر» سيظهر تأثيرها على بركة رزقك، ومالك، ومن عدم التوفيق في شؤون حياتك أو أسرتك، وراحة بالك، مهما كان المُبرر الذي أقنعت نفسك بأحقيتك له، وهي في الحقيقة تظهر على هيئة إجراء روتيني معتاد يمارسه الأغلبية ولم ينتبه أحد لخطورته.
من ذلك -على سبيل المثال لا الحصر-، ساعات العمل الرسمي التي لم تف بها سواء في تأخر أو تسرّب أو عدم حضور، مكافأة خارج العمل الذي لم يتم تأديته، الأعذار والحجج للتغيّب عن العمل دون حاجة فعلية، طلب مهام العمل (الانتداب) بصورها المختلفة في (غير حاجتها) أو بمدد غير صحيحة بغرض الكسب منها، التعدي على حقوق زملاء العمل أو الإساءة إليهم أو ذكرهم بسوء من أجل الحصول على منفعة عمل أياً كان نوعها، محاولة التخلي عن الواجبات الوظيفية أو الامتناع عن أدائها دون مبرر، الاستفادة من ممكنات العمل واستخدامها لأغراض خاصة خارج المهام الرسمية، ضياع وقت العمل دون إنتاجية، وغيرها.
نعم، لا يوجد بيئة عمل مثالية، وربما يوجد تفاوت في الرضا الوظيفي، أو عدم الحصول على بعض الحقوق، لكن لا يجب أن يخوّلك ذلك لعدم أداء الأمانة التي هي في المقام الأول علاقة بين الموظف وبين الله سبحانه وتعالى.
بعيداً عن طبيعة علاقة الموظف مع جهة عمله، لنترك كل هذا التداول كمؤشر أو معيار للأداء، وننظر له بمرجعية دينية وسؤال: «عنْ مالِهِ منْ أينَ اكتسبَهُ»، ولاختبار ذلك عملياً حاول أن تنظر في ساعة صفاء وسكينة مع نهاية اليوم لإبنائك وأفراد عائلتك واسأل نفسك: (هل كل ريال دخل هذا المنزل، ويعيش منه أهل بيتك، تم كسبه بحق مشروع؟)، حينها أنت من سيجيب على هذا السؤال «بمسؤولية» ولك الخيار حينها أن تقبل أم لا.
لدرب لا تضيق به الحياة، «أَطِبْ مَطْعَمَكَ» .