خالد بن حمد المالك
تتسارع الأحداث بالمملكة الأردنية، متزامنةً مع التطورات في قطاع غزة، وبتوجيه خارجي الهدف منه إذابة القضية الفلسطينية، وأن يكون البديل في لَمّ شتات الفلسطينيين في المملكة الأردنية، كما هو مخطط إسرائيل لتكون الأردن بديلة لدولة فلسطين، وهي مؤامرة إخوانية إيرانية على أمن الأردن واستقلاله، ووضع المنطقة في حالة من عدم الاستقرار.
* *
فما تشهده الأردن منذ أيام من تصاعد لأعمال الفوضى والعنف يكشف بجلاء عن مُقدمة لمؤامرة مفضوحة يقودها تنظيم الإخوان الإرهابي بأهداف إيرانية واضحة لإعادة خلق الفوضى في المنطقة، مستغلين الموضوع الفلسطيني كمدخل لتجييش وتسييس الشارع على ملك الأردن والجيش والحكومة، خدمةً لإسرائيل وإيران وتنظيم الإخوان الإرهابي.
* *
وهؤلاء الذين يعملون اليوم على تجييش الشارع الأردني، هم ذاتهم من أضروا بأمن واستقرار الأردن قبل 54 عاماً، مع تغيير الأدوات، وما أحداث 1970م التي تسببت بحرب أهلية طاحنة راح ضحيتها آلاف الضحايا، وتسببت باغتيال رئيس الوزراء الأردني الأسبق وصفي التل على يد الفلسطينيين إلا شاهد تاريخي على امتداد المؤامرة التي تسعى لإسقاط الأردن، والانقضاض على شرعيته.
* *
ومع العلم بأن جماعات الإسلام السياسي، وفي مقدمتها تنظيم الإخوان الإرهابي محظورة، فقد انحازت كما في كل مرة للتماهي مع السياسات والأجندات الإيرانية، دون أي مراعاة لأمن ومصالح الأردن، ودون وعي بخطورة التظاهرات على استقراره وسلامة أراضيه، ودون النظر إلى معاناة الأردن والأردنيين طويلاً من المماحكات السياسية.
* *
وفي ظل هذه التطورات الخطيرة، لابد من التذكير بأن تنظيم الإخوان الإرهابي هو من يقوم بأعمال العنف والفوضى الآن مدفوعاً من إيران، مُستغلاً في ذلك الأوضاع الاقتصادية الصعبة في الأردن من أجل حشد الأتباع له، تحت غطاء القضية الفلسطينية، وهي ذات الطريقة التي اتُّبعت لخلق الفوضى والاضطرابات في دول المنطقة منذ عام 2011م.
* *
والمنطقة اليوم لا تحتمل أي تصعيد جديد، أو خلق ساحات توتر جديدة، وخصوصاً في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، والهجمات في البحر الأحمر، والمحاولات الرامية لجرّ الأردن إلى مستنقع الفوضى، وخلق حالة واسعة من الاضطرابات وذلك ما لا يخدم الجهود الرامية لإنهاء الصراع في المنطقة، لكن لإيران وأدواتها مصلحة في خلق التظاهر والشغب والفوضى.
* *
وأمام كل هذا الذي يحدث، فإن التهاون مع أحداث الفوضى التي تشهدها الأردن هذه الأيام من شأنه أن يفاقم الوضع سوءاً، وقد يؤدي إلى شبح أيلول الأسود مجدداً، بما ينبغي أن يكون التعامل صارماً معه من قبل قوات الأمن الأردنية، وهذا هو طريق النجاة في عدم تكرار هذه المأساة.
* *
ولأن أمن المملكة الأردنية الهاشمية جزءٌ من أمن المملكة العربية السعودية، بحكم الأخوة والتاريخ وبواقع الجغرافيا، فإن موقف المملكة يتمثل -كما هو معروف- في عدم السماح أو التسامح مع أي محاولات لجرّ الأردن أو تحويله إلى ساحة لتصدير مشكلات وقضايا المنطقة إليها.
* *
وفي ضوء ذلك، فالمملكة لا تتردد في دعم جميع الخطوات التي اتخذتها وسوف تتخذها المملكة الأردنية الشقيقة، للحفاظ على أمنها وسيادة أراضيها أمام كل من يحاول اختطاف الدولة، أو الضغط عليها، أو التأثير على قراراتها، بل ولن تتردد قيادة وحكومة وشعباً من الوقوف مع الأردن بكل ما تتطلبه تطورات الموقف، على اعتبار أن أمن المملكتين واستقرارهما أمن واحد واستقرار واحد، وهو كلٌّ لا يتجزأ من بعضهما البعض.
* *
ووقوف المملكة مع القيادة الأردنية في هذا التوقيت الحساس هو وقوف مع الشعب الأردني الشقيق الذي يرفض تحويل وطنه لساحة للمزايدات، وتصفية الحسابات على حساب أمنه واستقراره، وهو موقف ثابت يتجدد الآن، بعيداً عن المزايدات والمصالح المشبوهة.
* *
حمى الله الأردن قيادة وحكومة وشعباً من تآمر المتآمرين، وفي مقدمتهم إيران وإسرائيل و«حماس» والإخوان الإرهابيين، ومن لفّ لفّهم من الدول والتنظيمات، وتحية إعزاز وإكبار وتقدير للموقف السعودي الداعم لأمن واستقرار الأردن.