عبدالمحسن بن علي المطلق
المطالع بالأسفار وأمهات الكُتب التي تركها سلفنا للخلف يحذو ذاته أمل ولو ضئيل أن يكون له يوما في {المكتبة الإسلامية} عطاء مماثل بين تلكم، وهنا ترتقي به ذاته ليكون، وقد لا يكون أهلاً، لا أعني هو!، لكني أقصد ما عنده من علم (زائد) قدراته.. دون ذاك المرام الكبير، ولا غرو، فـ (رحم الله من عرف قدر نفسه)، وهنا عليه وحتى لا يخسر المحاولة التنازل إلى ما يمكن لقدراته أن تبلغ به، أي على الأقل لا يضيع حلمه في الصّدى..
ففي شيء من النفثات حول القول عن هذا، أملي بهذا .. كإقرار/ نعم لكم تتطاول آمال المرء ليكتب عن المواضيع الكُبرى، لكن أنّى له هذا وهو دون مرتبة تلكم، أو بإيضاح أن بضاعته في العلم لم تبلغ به ما يصبو فنعود لأننا إلا ونتهادى كي لا نقع!، لأننا دون مدى تلكم، أقصد الكتابة حول أحد معالم التي تبلغنا ما بلغه أهل «الأسفار»، وهذا لا يتأتّى إلا بمبحث يتناول الأمور الكبار، من مثل تجاذب موضوع حول كتاب ربنا -القرآن الكريم -، لكن أنى للواهن ولوج هذا !، بخاصة وأن الزلل به ليس مثل أي زلل !، فحسبنا تحذير مولانا {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ..}، وإلى أن خُتمت الآية بشاهدي {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}، لأن عظمة هذا ليس كأي ذنب، فحسبه أنه سيق -التحذير- مع الشرك {وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا}، فـ..» ..جعل سبحانه القول عليه بغير علم فوق الشرك، وهذا عام في القول عليه بغير علم- ثم وضّح- ..بغير دليل من الكتاب والسنة في أصول الدين وفي فروعه « د. صالح الفوزان، فبربكم !، من بعدها يجرؤ لمناولة ذاك الباسق بينها، ألا وهو القرآن (كلام) المولى تعالى..
نعم نعود لندندن حول ما إن حمُنا حولها فإن السقط فيها كلا لا يماثل السقط بغيرها علو، إنه الأمل يحدونا لرفع هممنا بـ (عطاء) يرتقي بنا، فلا يجده أحدنا إلا وجلّ ما يقدّمه قد حاكى صنيع القوم وإن زاد فلا من محاذاتهم له نُجعة، على الأقل ألا يضلّ السبيل، وبهذا نصح السلف الخلف (لا تقل برأي ليس لك به إمام) مخافة أن يقع في حيّز الابتداع، حتى وإن أمسى طرحه عالة على من سبق، فهذا أهون عليه من ضلالة.. البدعة.
فالقوم وللِهِ درّهم كانوا بهذا نبراساً، فقد مهّدوا لنا السبيل.. لنمشي خلف ما ذرعوا بتلك البيادر، فمشّطوه حرثاً حتى أخرجوا درّ ما بلغوا، فها نحن (إن قدّمنا) ثماراً فهي حصاداً مما زرعوا، وقلّ ما نهجّن .. فنبدع ولعل إن بقي لنا من رمق (يُحسب لنا) هو ما يكون في كفل من قيل بقدره (ربّ مبلّغ أوعى من سامع)، أعني عسى يأتي من يأخذ من هذه «المزجاة» ليفتّق عن نمائها ما هو أبدع، وكم ممن برع بملامس كانت له سراجاً وهاجاً.. من حين استدّل بها علامات أوصلته للدرّ الكبار ويبقى ..مع ما تقدم الأمل بالذات أن تبلغ يوماً، فكم مدمن طرق للأبواب وقد ولج، كما كم ممن هذى بالقريض حتى قال به، ثم إن لم ينل مرتبة تلك فلعله لا يعود خاوي الوفاض، فأجر النيّة إن صدق بالطرق له باقٍ، مما ليس بالحسبان من الكريم المنان..
وهنا تذكرت لابن الجوزي عن أقوام بالغوا بالجهد فكانت نياتهم لتلكم المفاوز بلغت بالأخصّ من كبت خطاهم عن تحصيل ما حصّله من بذل، بالذات مع سالم ذاته تأدّباً مع ربه، فلم يعدوا بها قدرها، نعم فالقدرات تتفاوت، وليس كلّ من حاول للعلم طاول، بل بعضهم اجتهد فلم يصل آثاره في هذا، فلا تحزن ولا تكن في ضيق من جُهد بذلته.. ولم يبلغك السبيل!
لأن المطلوب أن تُري الله مع محاولاتك صدق نيّة، وحُسن طويّة، وبعدها «أبشر»..، أبشر.