محمد سليمان العنقري
أسواق المال ركيزة أساسية في دعم التنمية الاقتصادية فلها أدوار متعددة أولها أنها قناة تمويلية مهمة جداً للشركات وللحكومات لأن مفهومها لا يقتصر على سوق الأسهم الذي هو جزء من سوق المال إضافة إلى أنها محرك رئيسي لجذب أموال المستثمرين بالإضافة إلى العديد من المنافع العامة والخاصة لكن بالنظر لطبيعة تعامل غالبية الأفراد مع سوق الأسهم تحديداً فإن ما يغلب عليهم التوجه المضاربي بهدف تحقيق مكاسب تحولهم لأثرياء بوقت قياسي ونظراً لكون الأسواق تتحرك وفق مؤثّرات عديدة ودرجة حساسيتها لأي خبر أو حدث عالية مما يجعلها سريعة في تقلباتها وأحياناً حدة في التذبذبات فإن نسب الخاسرين من المضاربين تكون عالية، حيث إن الغالبية يعتمد على التوصيات والإشاعات فالمضاربة علم ولها أسس وأدوات لا بد من الإلمام بها لفهم فلسفتها والتعامل معها بواقعية.
لكن الإجابة على عنوان المقال تبقى هي أهم ما يبحث عنه المضاربون بأسواق الأسهم فهو سؤال قديم جداً وكل المضاربين يبحثون عن الطريفة التي يحققون فيها الهدف المنشود وهو أن تصبح مليارديراً وليس مليونيراً فقط فالحقيقة الجواب الذي اتفق عليه في كل أسواق الأسهم في العالم هو أنك يمكن أن تحقق ذلك الهدف في أحلامك فقط أي أنك تحلم بأن كل سهم تشتريه ينطلق فوراً لكي يتضاعف سعره ثم تنتقل لغيره وهكذا أي بمعنى أن الكثير يحلم بأن يواكب موجة كل سهم وبالترتيب الذي تحقق فعلياً بالسوق لكن قبل أن ينطلق السهم لهدفه البعيد لم يكن فعلياً أغلب المضاربين يعلمون بأن فيه فرصة كبيرة فلذلك يستخدمون كلمة «لو» بمخيلتهم أي لو تنقلت من سهم لآخر وحققت المكاسب الكبيرة بداية من أقل سعر إلى أعلى مستوى وصله فبإمكانك بهذه الحالة أن تعتقد بأنك حققت مكاسب فلكية تحولك للملياردير الذي صنع ثروته بنسج الخيال في نصف ساعة.
لكن الحقيقة مختلفة، فالواقعية بالأسواق تجيب بطريقة مختلفة فرحلة تحقيق المكاسب الكبيرة بسوق الأسهم ممكنة جداً لكنها تحتاج للصبر ولسنوات من التعلم واكتساب الخبرة ومعايشة ظروف الأسواق والاختيار المناسب للسهم ودراسته جيداً وعدم التفكير إطلاقاً بأحلام غير واقعية مثل أن تصبح ثرياً بوقت قصير جداً فالقصص التي تروى حول مضاربين حققوا أرباحاً ضخمة بوقت قصير تبقى حالات استثنائية وبعضهم لم يصل لهذه المرحلة من الربح إلا بعد تجارب وتحديات عاشها وتكبد خسائر كبيرة ببداياته علمته كيف يكون واقعياً مع السوق الذي هو أكبر من أي مستثمر أو متعامل فيه إضافة إلى أن الخبرة التي يمتلكها المضارب الجيد قائمة على التسلح بالعلم وأيضاً بناء إستراتيجية للتعامل مع السوق لا يحيد عنها وتقوم بشكل أساسي على متابعة أدق التفاصيل عن الاقتصاد والسوق والشركات لكي يتمكن من تحليل الاتجاهات وبناء أهدافه على أساسها.
يمكن أن تصبح ثرياً من المضاربة بالأسواق لكن ليس بهذه السهولة والبساطة فمعروف أن أسواق المال والأسهم تحديداً يطلق عليها السهل الممتنع ولذلك يظن الكثير ممن يدخلها بأن الثراء منها حتمي فقط هي مسألة وقت دون تفكير بالمخاطر والتحوط ووضع خطة إستراتيجية تناسب ظروفك وإمكانياتك وأهدافك كمضارب أما المستثمر طويل الأمد فكل هذا الحديث لا يعنيه فأغلب من أصبح ثرياً من الأسواق كان مستثمراً ينتقي الفرصة ويصبر عليها لسنوات حتى تنضج ويتخارج منها دون أن يربك نفسه ويتخذ قرارات عاطفية نتيجة تقلبات أو أحداث عابرة تنعكس على الأسواق سلباً لفترة قصيرة فهو ينظر للمدى البعيد ويصل غالباً لهدفه ففي أسواق المال عليك أن تختار الطريقة التي تناسب ظروفك وأهدافك بواقعية لكي تستفيد منها دون أن تتعرض لتأثير أي حدث يجعلك تغير قراراك بالسوق سريعاً دون دراسة صحيحة تساعدك على رفع جودة القرار المناسب لاستثماراتك.