خالد بن عبدالرحمن الذييب
زرت باريس مرتين في حياتي وكان انطباعي الأول عنها أنها كمزارات أخذت أكبر من حجمها، فأماكن مثل برج إيفل، شارع الشانزليزيه، قوس النصر، متحف اللوفر، ساحة الكونكورد، الحي اللاتيني، قصر فرساي، كنت عندما أقرا وأسمع عنها أعتقد أني أحتاج 7 إلى 10 أيام لزيارتها، يوم لكل مزار. إلا أنه ومن خلال زيارتي تفاجأت أن كل هذه المزارات يكفيها ثلاثة أيام فقط، أو أربعة بالكثير للهاوي ومحب التأمل، واليوم الإضافي لبعد فرساي عن شارع الشانزليزيه. فمثلاً، لنفترض أن شخصاً وصل صباحاً وسكن في منطقة بجوار برج إيفل، فإنه في هذه الحالة سيذهب مشياً إلى البرج لمدة عشر إلى خمس عشرة دقيقة، ثم ينتقل إلى قوس النصر من خلال نهر السين «المزار الثاني» ومجرد دخوله على ساحة قوس النصر فهو الآن في شارع الشانزليزيه، في 20 دقيقة مشياً انتهينا من ثلاثة مزارات، نهر السين، قوس النصر، الشانزليزيه بخلاف وقت التصوير والصعود إلى قمة قوس النصر، وهي لن تزيد عن 40 دقيقة.
ومن قوس النصر والذي يعتبر نهاية المرحلة الأولى وبداية المرحلة الثانية ستتحرك وبدون توقف إلى متحف اللوفر ما بين 30 - 40 دقيقة حسب قدرة كل إنسان على المشي. وكذلك حسب الرفقة التي معك، فإن كان معك عنصر نسائي فربما قد تتجاوز يوماً كاملاً أو ربما يتوقف قطار الرحلة عند الشانزليزيه.
فلا أعتقد أن هناك «أنثى» ستمر أمام «شانيل»، و»لويس فيتون»، و»كارتير»، وغيرها من الماركات ستترك كل هذا «النعيم» لترى تماثيل فرعونية لها «كذا» آلاف سنة ولوحة لامرأة تبتسم.
لاحظ أن كل هذه المزارات «برج إيفل، نهر السين، قوس النصر، شارع الشانزليزيه، ساحة الكونكورد، متحف اللوفر» وهي أشهر مزارات ومعالم باريس يمكن أن تنهيها في يوم واحد. بل وربما 6 ساعات تقريباً وإذا في الوقت والصحة بقية، انطلق إلى الحي اللاتيني، باستخدام المترو، وستجد كنيسة روتردام التي جرت بجوارها رواية أحدب روتردام لفيكتور هوجو، وإن كنت من هواة التجول داخل الكنائس، فإن الوقت فيها لا يزيد عن ساعة إلى ساعة ونصف، ومن ثم البقاء باقي اليوم في الحي اللاتيني. وبهذا تنتهي باريس في يوم واحد، ويتبقى قصر فرساي والذي على الرغم من جماله إلا أنه أقل مستوى من قصور بني عثمان باعتبار فارق التاريخ والتوقيت. باريس مدينة تتميز بمقاهيها، ومطاعمها وجلساتها، ولكن مزاراتها عليها أكثر من علامة استفهام فقد أخذت سمعة أكبر من حجمها. أما نظافتها وتخطيطها فإذا استثنيت بعض المدن العربية التي زرتها، فتعتبر أقل المدن مستوى من ناحية التخطيط العمراني والنظافة والمحافظة على البيئة، فهي أقل مستوى من مدن مثل ملبورن، كوالالمبور، برشلونة، لندن، فهي ليست في نظافة كوالالمبور، أو تخطيط لندن، أو عراقة روما، وليست في مستوى ملبورن من ناحية الاستدامة والبيئة.
أخيراً ...
باريس مدينة رائعة لمن كان مزاجه يقتصر على المقاهي والتسوق، ولكن عندما نتكلم عن عمق تاريخي وثقافي، أو مدرسة تخطيطية في تخطيط المدن، فهناك أفضل من باريس.
ما بعد أخيراً ...
باريس.. ليست إلا سوقاً تجارياً كبيراً.