خالد بن حمد المالك
ظلّت الحدود السورية الأردنية منذ زمن في حالة من عدم الاستقرار، ومن محاولات لتهريب المخدرات والأسلحة إلى الأردن، وسط مراقبة وعمل أمني أردني كبير لإفشال التهريب الذي يُهدّد أمن الأردن، ويُعرّض سلامة مواطنيه للخطر، ولم يكن وارداً في ذهن الأردنيين حجم المخطط وخطورته، ونوايا الفاعلين بإدخال الأسلحة إلى الأردن.
* *
غير أن أحداث الأيام الماضية، والتفاعل مع التظاهرات، بما أخرجها عن سياقها، وعرّض حياة رجال الأمن للخطر، وإشعال النيران، وإقفال الطرق، والإضرار بالأملاك العامة والخاصة، أكّد أن الأردن أمام خطر داهم، ومؤامرة كبيرة، ما لم يستخدم رجال الأمن القوة في تفريق المتظاهرين، وإلقاء القبض على المسيئين منهم، وهو ما حدث.
* *
ومع أن المُؤكّد لا يحتاج إلى تأكيد، فإن كل التقارير المحايدة تؤكد على أن إيران وحماس وتنظيم الإخوان الإرهابي يقفون وراء ما حدث، وأن إسرائيل هي المستفيد الأول من الإخلال بالأمن في المملكة الأردنية الهاشمية، وأن ربط ما يجري بغزة باستدعاء الناس إلى التظاهر بالأردن لن ينهي القتال في قطاع غزة، ولن يساعد على إقامة دولة للفلسطينيين.
* *
هي مُؤامرة خارجية، تبنتها حماس من الخارج وتنظيم الإخوان الإرهابي، بدعمٍ من إيران، وما حدث مشروع إيراني لتوسيع نفوذ طهران في المنطقة، بإدخال الأردن إلى جانب لبنان وسوريا والعراق واليمن تحت النفوذ الإيراني، وهو ما حال غباء حماس والإخوان دون فهمه واستيعابه، وبالتالي عدم الامتناع عن تنفيذه.
* *
لقد سبق بدء الأحداث في الأردن زيارة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لإيران، ولقاءات مكثفة له مع المسؤولين فيها، ومن المؤكد أن ضمن أجندته ومباحثاته في هذه الزيارة ما حدث بالأردن، في رَبطٍ غبيٍّ بين ما يجري في غزة على أيدي القتلة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وبين ما حدث في الأردن من مساس باستقلالها، ونظامها، وشعبها، ما لا تفسير له إلا أن حركة حماس وتنظيم الإخوان الإرهابي، ما هما إلا أدوات لتنفيذ المخطط الإيراني التّوسّعي بالمنطقة.
* *
وهذه المحاولة ليست الأولى لإسقاط النظام في الأردن، ولن تكون الأخيرة، غير أن لدى الأردن من الخبرة, والتجارب, والقوة, والجهوزية العسكرية ما سوف يُفشِل مثل هذه المخططات المشبوهة الآن ومستقبلاً.
* *
لقد ظلت القيادات في الأردن منذ الاجتياح الإسرائيلي البري لقطاع غزة، وإيقاف القتال شغلها الشاغل، وعملها الدائم، وصوتها الذي يتردد على الأسماع، باللقاءات، والتواصل، للحيلولة دون تصاعد القتال، وإيقاف المجازر الإسرائيلية، مُستخدمة علاقاتها وإمكاناتها المحدودة في التأثير على المسار الإجرامي في الحرب، بما لا ينكره إلا جاحد.
* *
وفي كل الأحوال، فإن الأردن لن يتخلى عن دوره التاريخي في مناصرة القضية الفلسطينية في حدود إمكاناته، حتى مع استمرار المتآمرين عليه في الخارج وبينهم الفلسطينيين أنفسهم، وسيظل الأردن مع بقية الدول الشقيقة والصديقة في موقعه للمطالبة بحق الفلسطينيين في دولة على أراضيهم المحتلة وعاصمتها القدس.