عثمان بن حمد أباالخيل
الناس ليسوا معصومين من الخطأ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو المعصوم وحده بقول الله عز وجل {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، فالناس خطاؤون وخير الخطائين التوابون. ليس من العيبِ أن يُخطئ الإنسان، ولكن العيب والخطأ الأكبر هو التمادي والاستمرار في ذلك الخطأ، وهذا ما يُسمى الخطأ المتعمَّد الذي يضر الآخرين ويضر نفسه. الطريق الوحيد والمُجرّب هو طريق الاعتذار، الاعتذار هو ثقافة وفن يوجد في الإنسان العاقل المدرك، الإنسان عندما يخطىء في حق إنسان آخر، لابد له أن يعتذر. يخطئ من يعتقد أنّ الاعتذار ضعف، فالاعتذار قوة وثقافة وحب لإبقاء العلاقة قائمة، وأحياناً كثيرة يعتذر الإنسان بمجرد شعوره بأنه أخطأ، وهذه قمة الإنسانية والصدق والتواضع. (الضعيف لا يمكنه الغفران، فالتسامح شيمة الأقوياء) مهاتما غاندي. وقال الإمام الشافعي:
(لما عفوت ولم أحقدْ على أحد
أرحتُ نفسي من هَمِّ العداواتِ)
التسامح هو العطر الذي تنعشك رائحة زهرة الياسمين حين تستنشقها، التسامح من الصفات الحميدة التي تقوم بتقوية الروابط في المجتمع خصوصاً بين الأزواج والأصدقاء والأقارب والقريبين من القلب.
التسامح له فعل يسر القلب ويشرح الصدر حين تسمع كلمة آسف فهي ليست مجرد كلمة، هي كلمة آسف من أهم الكلمات التي يجب أن يتبادلها الناس في حياتهم، فالاعتذار يعكس صدق المشاعر تجاه الطرف الآخر، والاعتراف بالخاطئ يخفف من التوترات.
شخصياً أرى ويرى معي الكثيرون أن كلمة آسف ليست مذلة هي الثقة بالنفس وحفظ الود، يخطئ من يعتقد غير ذلك.
أكدت دراسة علمية حديثة، أجراها باحثون أمريكيون بجامعة (بايلور) في ولاية تكساس الأميركية، أن كلمة (عذراً) أو(آسف) ليست كافية عند بعض الأشخاص لطلب الصفح أو نسيان الأخطاء التي بدرت من الآخرين. لماذا لا يقدر بعض الناس على قول كلمة «آسف»؟ أتساءل هل (هل كلمة آسف تشفي الجرح)، بالتأكيد لا تشفيه لكنها تخفف من الألم الذي ربما ينتهي أو يبقي الجرح في الذاكرة محفوراً.
قال علماء النفس، إن الاعتذار عن طريق كلمة (آسف) فقط لا يكفي في بعض الأحيان، ويلزم أن يصاحبها هدية صغيرة، مثل باقة من الورود أو عبارات أخرى تنم عن الندم وضرورة قبول الاعتذار.
الأم في بريطانيا مثلاً تردد كلمة آسف لطفلها منذ ولادته فعندما يبكي الطفل أو يمرض أو تغيب عنه أو يجوع تستشعر الأم تقصيرها نحوه فتقول له أمه «sorry mum» آسفة ماما ويتقبلها الطفل حتى تصبح كلمة آسف متبادلة طائعة بين الطفل وأمه أولاً، وبيئته الأسرية، ومجتمعه ثانياً، وأخيراً! وعليه تصبح كلمة آسف سلسة مطواعة طيعة. أرى هذا التوجه في بعض الأسر في مجتمعنا وأتمنى أن تعم على جميع الأسر لنبني مجتمعاً يقدر كلمة آسف حين يخطئ.
نحن في أمس الحاجة إلى أن نقول كلمة آسف بسلاسة وقناعة ونحتاجها في بيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا ونحتاجها في شوارعنا وملاعبنا الرياضية وفي كل مكان. نحتاج قبول الاعتذار والصفح، قال القدماء: إن «الاعتذار من شيم الكبار».
همسة: أقبل اعتذار من أخطأ بحقي والاعتذار ليس جرحاً في الكرامة وإهانة للنفس.