العقيد م. محمد بن فراج الشهري
يحتفل أبناء الوطن هذه الأيام بالذكرى السابعة لبيعة الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد في المملكة العربية السعودية (26 رمضان 1438هـ 21 يونيو 2017م). وهذه البيعة السابعة تأتي بعد رصيد من المنجزات الإعجازية رافقتها تحولات سريعة يصعب رصدها وعدها، وكلهّا تصب في (بناء دولة المستقبل) ضمن رؤية «2030م» وعرَّابها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ومن خلفه إيمان الشعب السعودي برؤية القيادة، والعمل على دفع عجلة التنمية المستدامة بتنظيمات وقوانين وإصلاحات هيكلية، وبأهداف مرسومة، وطرق واضحة ومفهومة... إن ما شهدته الأعوام السبعة الأخيرة أمر مذهل بكل المقاييس، ليس فقط من جهة المنجز السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، المهول، ولكن من وجهة الترتيبات البارعة لبيت الحكم، وكدأب كل من يعيش في خضم ما سيصبح يوماً ما «تاريخاً» لأجيال قادمة، تسبر أغواره، وتحاول فهم أسبابه، قد لانكون في وعي كامل بقيمة ما يحدث اليوم، ولا لأبعاده السياسية، والاجتماعية ناهيك عن عمقه التاريخي وما يبنى عليها من منجزات، ولقد جاءت قيادة الملك سلمان للمملكة العربية السعودية في مرحلة بالغة الحساسية، إستطاع بعمق رؤيته إشراك جيل أحفاد عبدالعزيز ضمن رؤيته الشاملة لإعادة هيكلة الدولة، وتجديد شبابها، إن إشراك جيل الأحفاد في المسؤولية بالمملكة لحظة مفصلية تناولها الكثير من الباحثين عبر العقود الماضية تشاؤماً وتشكيكاً، وعندما أتت، لم يثبت نظام الحكم السعودي رسوخه فحسب، بل براعته في التهيئة للانتقال، وهو منجز سيسطره التاريخ بأحرف من نور للملك سلمان -حفظه الله-، حدث كل ذلك دون ضجيج إعلامي، وعكس كل التكهنات السابقة، الأمر الذي يبرهن على عراقة الأسرة المالكة، والتقاليد الملكية التي تحكم أفرادها تجاه تحمل مسؤوليتهم، وحول ذلك قال الأمير محمد بن سلمان حينما سأله مراسل مجلة «ذا اتلانتيك» عن كيفية اختياره لولي عهده: (ستكون آخر شخص يعلم بشأن ذلك، هذه من المعلومات المحظورة التي لا يعلمها إلا نحن أبناء العائلة المالكة، الملك وأنا والأعضاء الـ»34» في هيئة البيعة، وسيضحون بحياتهم قبل أن يتحدثوا عن أي من هذه الموضوعات)، وهنا علينا إدراك متانة نظام الحكم الملكي السعودي الذي تحكمه آليات دستورية، وأعراف وتقاليد ملكية راسخة الجذور، فقد تميزت الدولة السعودية منذ تأسيسها قبل (3) قرون بأصالة نظامها السياسي، فهو ليس نظاماً مستورداً أو متنسخاً، أو مفروضاً من قوى أخرى، علاوة على أنه لم يأت من فراغ، أو ينشأ في غير بيئته، بل كان نابعاً من جذور تاريخية، وعمق إسلامي، وتراث وبيئة عربية نقيّة، فجذوره التاريخية تمتد إلى تأسيس إمارة الدرعية قبل قرابة (6) قرون، والدولة قامت على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، وهي الوريثة الشرعية للحضارة العربية الإسلامية، كما أنها الوحيدة التي استطاعت توحيد الجزيرة العربية تحت حُكم عربي مستقل بعد أكثر من عشرة قرون من التفرق والشتات، وإعادة مركزية الحكم العربي إلى جزيرة العرب، وإلى قلبها تحديداً، فكان منبع الدولة السعودية تلك البيئة العربية الخاصة، وكانت الحكم العربي الذي تحقق بعد طول غياب، ومن هنا أتى تفرد نظامها السياسي الذي قام على جذور راسخة، وأصالة سياسية، ومشروعية دستورية، تمثلت في قبول ورضا شعبيين واسعين تجلياً في (بيعة) الشعب لحكامه، وتأكد عند محاولات القضاء على نظام الحكم أكثر من مرّة، وفي مراحل استرداد (آل سعود) الحكم بالتفاف الشعب حول من يرونه الحكم الشرعي، كما حصل مع الإمام تركي بن عبدالله، ومع ابنه الإمام فيصل، ثم مع الملك عبدالعزيز، لتكون البيعة بوصفها مفهوماً وممارسة أحد أركان العقد الاجتماعي السعودي التي تميز هذا العقد، كما تميز النظام السياسي السعودي عن غيره من الأنظمة.. وكل هذه العوامل ساعدت المملكة على الوقوف في وجه كثير من الأطماع والمؤامرات، وتجاوزت كثير من الأزمات، إضافة إلى تميّز نظام الحكم السعودي بالمرونة والقدرة على احتواء التحديات بكافة أشكالها، وألوانها بكل عزيمة وإصرار وبتعامل سريع وحاسم لكل الأزمات وها هي المملكة تحتفل بالذكرى السابعة لبيعة ولي العهد وسط حضور دولي لافت سياسياً، واقتصادياً، وثقافياً وبمنجزات إعجازية تمت في السنوات السبع الماضية يصعب حصرها أوالحديث عنها في هذه المقالة، إلا أنها كانت منجزات إعجازية بحق وحقيقة قادها عرّاب الرؤية وفارسها الأمير محمد بن سلمان وبتوجيه ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ووجود رجال أكفياء يتابعون مسيرة هذه المنجزات حتى أصبحت المملكة بفضل الله أولاً ثم بفضل قيادتها الحكيمة وعلى رأسها الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان مضرب الأمثال في الإنجاز والتمكن والرسوخ، والشموخ على مستوى العالم كافة، لذلك نحن فخورون كل الفخر بكل ما تحقق وندعو المولى أن يتم علينا هذه النعم، وأن يحفظ لهذا الوطن أمنه وأمانه وقياته، وأن يحميه من كيد الأشرار وحسد الحاسدين، وإلى مزيد من الإنجازات بإذن الله..