خالد بن حمد المالك
ما من أحد بلا خطيئة، أو أنه لا يحمل من المتناقضات في ذاته الشيء الكثير، حتى وإن حاول أن يتجنّب ما لا ينسجم مع طبعه وأخلاقه وقناعاته وقيمه، فالإنسان معرّض لما كان لا يتمناه، ومستهدف حتى وهو يحاول أن يداري الأمور لكي لا يقع فريسة لمحظور يكرهه، سعياً للابتعاد عنه.
* *
جزء من تكوين الإنسان أن يستقبل الشيء الجميل وضده، ويتصرَّف أحياناً حتى بما لا يريده، وأن يتحاشى -إن استطاع- ما يكدِّر عليه حياته، أو ينغِّص عليه أيامه، يفعل ذلك بجهد يبذله، وهدف يقصده، ومحاولات لعدم تمكين ما لا يريده من أن يُؤثر عليه، فهو لا يريد أن يُخاصم أو يَتَخاصم مع أحد، يتجنَّب أن يختلف مع غيره، يسعى إلى الود والتراحم مع القريب والبعيد، وليس عنده أكره من أن يَغضب أو يَغضب عليه أحد.
* *
المناسبات تُولد عنها فرص المعالجة، والمفاجأة، وهي البيئة التي يُفترض أن ينطلق منها حسن التصرف، وبذل ما يطيب الخاطر، بيئة يُؤمل فيها أن تقضي على الخلافات، وتُعزِّز مكانة الإنسان في مجتمعه، وتتم فيها المراجعات، وصولاً إلى تحقيق المصالحات، وبذر قيم الحب والوئام بين الإنسان والآخر، وإرساء التواضع طريقاً لنسيان سلبيات الماضي، وهكذا تكون النفوس الطيبة، وهكذا تليها الابتسامة، والمصلحة من التنازلات.
* *
فلا مصلحة للإنسان من خلافات مع غيره، ولا هدف جميلاً يمكن تحقيقه في الابتعاد عمَّن لهم حق علينا من الأقرباء والأصدقاء والزملاء وغيرهم، ولا أحسب أن للمناسبات قيمة تكتمل بدون النظر إليها بوصفها فرصة للعناق المعبر عن الود والاحترام، وها هو العيد يأتي لينفض عنا ومنا ما نحمله من أخطاء، ومن سوء تصور، بإعادة النظر في كل شيء للإبقاء على ما هو جميل، وتجنّب ما هو سيئ، ومعالجة ما كان يجب ألا يكون.
* *
العيد بهجة وفرح وأُنس، نستقبله والسعادة تغمرنا، وفيه نجتمع ونتلاقى، ونُعبِّر فيه عن نشوتنا، وتجديد الصلة بمن كانوا غائبين عنَّا لسبب أو لآخر، هو العيد ها هو يطل علينا من جديد ليضعنا أمام مناسبة خالدة، وفرصة أهداها الله إلينا، لنستفيد منها في إصلاح أنفسنا، وتعميق الحب فيما بيننا، فأهلاً وسهلاً بالعيد، ودعوات لا تنقطع بأن يحفظ الله لنا أمننا وسلامنا وعزتنا وكرامتنا، والتوافق فيما بيننا على ما يعزِّز مكانتنا، ويقوِّي شكيمتنا ضد أعدائنا وحُسادنا، وضد من لا يرضيهم ما نحن فيه من تميّز، وكل عام وأنتم بخير.