د.شريف بن محمد الأتربي
يظل مصطلح الغباء مرتبطاً بأي تصرف غير منطقي يصدر من أي شخص في وقت ما، وربما يكون التصرف عفوياً، وربما يتكرر نفس التصرف بطريقة دائمة فيوصف فاعله بالغباء أو الغبي.
والغباء الوظيفي مصطلح يستخدم لوصف سلوك أو أداء غير فعّال أو غير مناسب في بيئة العمل. يعبر عن نقص في القدرات أو المهارات اللازمة لأداء مهمة محددة بشكل فعّال، أو عن عدم القدرة على التكيّف مع متطلبات العمل أو تحقيق الأهداف المطلوبة.
الغباء في اللغة هو قلة الفطنة، وهو: ضعف في الذكاء، والفهم، والتعلّم، مع الغفلة، وقلة الفطنة. وفُلاَنٌ ذُو غَبَاوَةٍ، أَيْ تَخْفَى عَلَيْهِ الأمُورُ، ولا يهتدي إليها. ومن أمثلته إِذَا سَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْجَوَابِ لِغَبَاوَةٍ وجب عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَشْرَحَ لَهُ الْحَال، وكَذَا لَوْ نَكَل، ولَمْ يَعْرِفْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى النُّكُول يَجِبُ الشَّرْحُ لَهُ، ثُمَّ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ. وهو أيضاً: البطء في اكتساب المعرفة، أو اكتسابها بطريقة غير صحيحة. ذكر أينشتاين في تعريفه للغباء بأنه: «هو فعل نفس الشيء مرتين بنفس الأسلوب ونفس الخطوات مع انتظار نتائج مختلفة».
والغباء الوظيفي في مقالنا هذا لا يقصد به أبداً أصحاب القدرات الضعيفة، ولا قليلو الفطنة، بل يقصد به هؤلاء الذين يعمدون إلى وضع أشخاص ليسوا من ذوي الخبرة أو المعرفة في مجال العمل، وتسويدهم سدرة المناصب، وتمكينهم من كافة الأدوات الميسرة لمجرى الأعمال، وذلك تحت ذريعة الثقة، وإن لم تكن الثقة سبباً، فالرغبة في البقاء كمصدر معرفة وحيد، وقائد فريد تدفع كثيراً من كبار المسؤولين إلى اختيار مثل هؤلاء ليظهر للعيان كم هم يعانون في إدارة العمل، والتعامل مع مثل هذه النوعيات، فيثنى عليهم ويطال آجالهم في مجالهم، ولتذهب النتائج والأهداف إلى الجحيم، طالما ناموا وهم مطمئنون، وبالمناصب مستأثرون.
إن أغلب المشكلات التي تواجهها الشركات سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، تنبع من سوء اختيار الأشخاص، ولا أقصد هنا التعميم، ولكن التنويه إلى أن كل الجهود المبذولة في أي قطاع من القطاعات قد تذهب هباءً منثوراً، بقرار أو مشورة من هؤلاء المنظور إليهم نظرة الخبير الحصيف، وهم والغباء رديف.
إن استقامة الأمر تحتاج إلى تدخل قوي من قبل الدولة، وسن التشريعات الحازمة، والحاسمة بشأن تولي المناصب، وضرورة وضع وصف واضح ودقيق لكل وظيفة، وردفها بوصف واضح ودقيق لشاغلها، لا يهم السن ولا النوع، فقط الكفاءة والقدرة على القيام بأعباء الوظيفة بما تتطلبه الوظيفة من أعمال، وعندما نصل لهذا الحل السحري سنكون قد أستأصلنا مرضاً ظل ينهش في مقدرات الأمة لفترة طويلة، ألا وهو: الغباء الوظيفي.