مع نهاية شهر رمضان 1445هـ وإشراقة عيد الفطر المباركَين أصدر الزميل الدكتور إبراهيم بن عبدالرحمن التركي مدير التحرير للشؤون الثقافية سابقًا كتابه العشرين، وعنونَه:
(في مكتباتهم: أربعةٌ وأربعون يتحدثون)
وثق فيه أولَ عمل صحفيٍ - ثقافيٍ قدّمه حين أصبح رئيسًا للقسم الثقافي بالجزيرة عبر صفحة «قراءة في مكتبة» التي صدر لقاؤها الأول يوم الجمعة 27 من ذي القعدة عام 1404هـ، وكانت مع الشيخ حمد الجاسر، وتلتها في الجُمع المتعاقبة زياراتٌ للرموز المعرفية والثقافية والإبداعية، ومنهم: الشيخ عبدالله بن خميس، والشيخ عبدالله بن إدريس، والشيخ أبو عبدالرحمن ابن عقيل، والشيخ عثمان الصالح، والشيخ محمد الحمد العُمري، والشيخ عبدالله بن إبراهيم ابن سَلِيم، والشيخ عبدالكريم الجهيمان، والأستاذ محمد حسين زيدان، والأستاذ عمران العمران، والأستاذ عبدالله الغاطي، والفريق يحيى المعلمي، والأستاذ عبدالله الحقيل، والأستاذ محمد الحمدان، والشاعر مقبل العيسى، والشاعر أحمد الصالح، والشاعر صالح الأحمد العثيمين، والأستاذ عبدالرحمن السويداء، والأستاذ الربيع الغزالي، والدكاترة: حسن الهويمل، أحمد الضبيب، منصور الحازمي، أحمد البدلي، محمد المفدى، محمد بن سعد ابن حسين، عزت خطاب، مرزوق بن تنباك، سعد الصويان، يحيى ابن جنيد، زاهر الألمعي، عبدالله عسيلان، محمد الربيّع، عبدالعزيز الفيصل، عثمان الصوينع، محمد الجاسر، عدنان النحوي، عائض الردادي، عارف المسعر، محمد الشويعر، حمود البدر، وآخرون.
مقدمة المؤلف:
كتب التركي في مقدمة الكتاب:
«لعله العملُ الأول الذي قدَّمتُه أو قدَّمني للصِّحافة فقمتُ به، وكنتُ حينها عشرينيًا أرسم خطواتي الأولى في دربها، وقررتُ منذ أنْ بدأت أنَّ مساري فيها «ثقافيٌّ» فلن أحيد عنه، و»تعاونيٌّ» فلن أتفرغَ لها، واقتصرت خبرتي حينها على نشر مقالين أو ثلاثةٍ في زاوية «هوامش صحفية» وفق توجيه رئيس التحرير آنذاك الأستاذ محمد بن ناصر بن عباس، ثم كُلِّفتُ رئيسًا للقسم الثقافيّ دون أن أرغبَ مما رويتُ تفاصيلَه في كتابي «سيرة كرسي ثقافي» ص 63-65، وتبع ذلك أنْ طُلبَ مني إعدادُ وتحريرُ صفحةٍ أسبوعيةٍ تصدر كلَّ جمعةٍ ضمن العدد الخاص تحت اسم: «قراءة في مكتبة»، وهدفُها العناية بالمكتبات المنزلية، واكتشافُ كنوزها، والحديثُ عن دورها، وزدتُ عليها أنْ سعيتُ لأُضمنَّها حوارًا ثقافيًّا شاملًا، ولم يكن غريبًا أن تحتفي الصحيفة بالمكتبات ورئيس التحرير (أبو المعتصم) متخصصٌ نظريًا في المكتبات من جامعة القاهرة، وقادمٌ عمليًا من إدارة المكتبة المركزية ومركز الوثائق في معهد الإدارة العامة.
أذكرُ أني أعددتُ جهاز تسجيلٍ صغيرًا اشترته المؤسسةُ لي وأعدتُه لها بعدما انتهى هدفُه، وشئتُ منه أن يجيءَ الحوارُ تلقائيًا مباشرًا فلا أنشغل بالكتابة أو أكتفي بالإجابات المُعدّة ليتولى قسمُ الاستماع تفريغَه ورقيًا فأقوم بإعادة صياغته، وترتيبِ إجاباته، واختيار صوره كما ضيوفه.
استمرت الصفحة عامًا كاملًا، ولقيتْ استقبالًا طيبًا، ثم اعتذرتُ عن تقديمها لحرصي على ألا تفقدَ وهجَها، واستمرتْ فترةً مع زملاء آخرين في مكاتب الجزيرة بالمناطق ثم توقفت، وقدَّرتُ أنَّ لجمع ما يخصني منها في كتاب إضافةً معرفيةً وتوثيقيةً بالرغم من مرور أربعة عقود على إجرائها؛ فالمتغيراتُ حول المكتبات المنزلية أحالتها من غُنمٍ إلى غُرم، ومن مزيدِ مباهاةٍ إلى عدم مبالاة، وزهد الأكثرون في مكتباتهم الخاصة حتى صاروا يبحثون عمّن يقبلُها ولو إهداءً فلا يجدون، بل طال المكتباتِ العامةَ جفاءُ القارئين، وانصرافُ المكتبيين، وبلغ الحالُ حدًا أُقفل معظمُها؛ فالصفحات التي يحتويها هذا الكتاب شاهدٌ على مرحلةٍ قضت، أو تكاد.»
وأكد التركي أنَّ للكتاب قيمةً موازيةً؛ ففيه سيرٌ ثقافية لكبارٍ رحلوا أو صمتوا، أو أعياهم الوهن فانعزلوا وفاءً لذكرهم، واستعادةً لملامح من مكونات تأسيسهم العلمي والثقافي، وقراءةً لبعض التفرد في علمهم وأوعية معلوماتهم.
* * *
تقديم الكتاب:
قدّمت الكتاب الأستاذة الدكتورة خيرية السقاف تحت عنوان: «المحاور البارع» فكتبت:
«حين دعاني أخي د. إبراهيم لتقديم هذا الكتاب أسقط في يدي، إذ لدي اقتناع بأن التقديم عن محتوى أي كتاب يفسد للقارئ عنصر المفاجأة، ويمهد لإقناع القارئ فيما بعد برأي من سبقه تقديمًا لمضمون الكتاب، غير أنني كنت قد قرأت الجزأين، الأول والثاني من « واجهة ومواجهة»؛ فمضمون هذا الذي بين أيدينا امتدادٌ لآخرين قابلهم المؤلف من الشخصيات المختلفة، في مواجهة صحفية جميعهم ممن لهم أدوار متفاوتة، ومواقف مختلفة في مضمار الحياة، ومراحل الوطن..
وأضافت: «علينا أن نفك فسيفساء كل إجابة عن كل سؤال منهم واحدًا واحدًا بعث فيها الحياة «إبراهيم التركي» بأسئلته الذكية حين كانت داخل صدورهم، تتمحور في رؤاهم عن تجاربهم في الحياة الثقافية، ومواقفهم مع محطات تفاعلهم مع عتباتها، وسلّمِها، وتلك النظرة الخاصة لكل تجارب مر بها أحدهم مع العمل الثقافي، والحياة الجامعية، والكتب والمكتبات، والشخوص، والأفكار، والمواقف منها بالتوافق، أو الاختلاف، وبتلك الرؤية التي يخلصون إليها من الطريق الطويل الذي مرت به قوافلهم، وربما هناك استشرافات توصلوا إليها عما أصبح الآن واقعًا لبعضهم، وماضيًا لبعضهم، أو لهم جميعهم».
وشرحت جدوى الكتاب خلال تقديمها: «لقد جاءت هذه اللقاءات مع كل منهم للتعريف بدوره في العطاء، ما جعله في مرمى الصحيفة، وكل منهم ذو أهمية يقول ما يفيد، ويشهد على ما مرّ به، أو يؤرخ له، كل ذلك امتداد تصنعه الصحيفة، ولكن ببراعة من ينتقي، ويسأل، ويكشف، فالحوار الصحفي لا يبرع فيه وتحديدًا عند اختيار الشخصيات التي يراد محاورتها إلا مفكر مبدع، لماح، وذكي؛ ذلك لأن ما يفضي به المحاوَر في إجابته عن كل سؤال هو زبدة منسوجة من فسيفساء سيرته الذاتية، لذا نجد هنا مفاتيح السير الذاتية لعدد بارز من شخصيات الوطن الثقافية التي انتقاها بموضوعية، وواجهها بحرفية، وسألها بوعي، وحاورها بإلمام صاحب «المواجهة»، مسلطًا الضوء على «الواجهة».
وختمت تقديمَها بالقول: «إنني مقدرة حسن ظنه بي لكتابة هذه الكلمات التي لا تفي؛ فالكتاب ذاكرة خصبة لمن يشاء أن يفتح أبواب الذاكرة، ويعيد صياغة الغياب إلى الحضور لشخصيات برزت، وأعطت، وأضافت، وامتدت.»
* * *
موجز عن الكتاب:
لخص التركي فكرة الكتاب بما سطره في غلافه الخارجي الأخير: «كان عاميَ الأولَ في الصحافة، ابتدأتُه من شهري الأول، ومعه علاقاتي الأولى بالوسط الثقافي؛ فعرفتُ التحريرَ والتسجيلَ وإعداد الأسئلة، وتفريغ الأجوبة، وانطلقتُ إلى أربعٍ وأربعين مكتبةً منزليةً لأربعةٍ وأربعين عالِمًا ومبدعًا ومثقفًا؛ فحاورتُهم حول الكتاب الأول، والتكوين الأول، والقراءة الحاليةِ، والرؤى المعرفية، والقضايا المهمةِ حينها وقد أعدُّها مستهلَّ نشاطٍ صحفيٍ امتدَّ أربعين عامًا، ولو لم تتهيأْ لي عبر إسناد صفحة «قراءة في مكتبة» لي إشرافًا وإعدادًا وتحريرًا لربما غادرتُ عالمَ الصِّحافة مبكرًا، أو لربما اقتنعتُ بالعمل المكتبيِّ، وبالتأكيد؛ ففي الحالين: لن أعرفَ من عرفتُ من الفضلاءِ الذين عرَّفوني بفضلاءَ مثلِهم فامتدت علاقاتي الثقافيةُ الداخليةُ والخارجيةُ طيلة عقودٍ لم أندم على يومٍ منها وإن عانيتُ في معظمها.
قد تظهرُ بعضُ الاستفهامات تقليديةً، وبعض المداخلات نمطية، وبعض القضايا منتهية الصلاحية، ليبدوَ خلفها الجانب التوثيقيُّ لمرحلة منتصف الثمانينيات الميلادية، وبذا يأخذ هذا الكتابُ حقَّه التأريخيَّ لفترةٍ لم تعدْ تشبهنا إلا قليلا.»
* * *
التقاطات سريعة:
- خص التركي الأستاذ خالد المالك بالشكر لاحتفائه بما قام ويقوم به.
- ارتحل إلى جوار الله اربعةٌ وعشرون من ذوي المكتبات الذين قابلهم المؤلف، رحمهم الله، وأطال عمر من بقِي.
- جرى ترتيب الكتاب وفقًا لأوليّة النشر زمنيًا.
- ضمَّ الكتاب مواقفَ وتوقفاتٍ يلخص بعضُها سيرَ المقابَلين، وعلاقتهم بالكتاب؛ فالجاسر ابتدأ قراءاته بمقامات الحريري، وابن خميس قرأ أول كتاب في سن العاشرة، والهويمل وجد كتابًا أعياه البحث عنه في مكتبة مدرسية، وابن إدريس لم ترقْ له الصحافة الأدبية حينها، وابن عقيل ندم على بيع بعض كتبه، والعمران رأى الشعراء كالجراد، والشاعر مسافر لا يعجبه أدونيس ولا يقرأ للويس عوض، وعمه عثمان رأى المستشرقين ثلاثة أنواع، والحازمي أكد أن قصيدة النثر لا يمكن أن تعيش، والعُمري اصدر نشرات إعلامية في الهند وباع جزءًا من مكتبته بأقل من مئة ألف ريال وودَّ لو استردها بمليون، والفوزان يقرأ بعد الفجر ويكتب بعد نشرة الأخبار، وابن حسين ندم على وقت أضاعه في قراءة بعض الكتب، وخطَّاب قال إننا نعيش على فتات نظريات الآخرين النقدية، والصويان سجل ثلاث مئة ساعة من أفواه الرواة، والجنيدل كان يعيد كتابة مؤلفات ابن بليهد، والسويداء حفظ المعلقات قبل بلوغه العشرين، والجهيمان رفض بيع كميات ضخمة من كتابه « الأمثال» على أن يغير اسمه، والضبيب انتقد بعض الشعر» البدوي» لابتذال وركاكة تعابيره، والمُفدّى رأى خلاف البصريين والكوفيين ميزةً للعقل العربي، والبدلي عدَّ عمر بن أبي ربيعة شاعرًا مكيًا عملاقًا، والربيّع قال عن مكتبة دخنة إنها كانت أهم مكتبة عامة في الرياض، والمسعر كان يلخص كل كتاب قرأه في كراسة، وابن جنيد قال إنه لم تجئ مجلة بعد الرسالة، والغاطي اشترى كتاب على السفُّود فسأله العقاد: لماذا؟!، والفيصل أكد أن معظم كُتَّاب ذلك الوقت لا يحسنون أسلوب المقالة، والردادي رأى أن الشعر العامي حفظ تأريخ الجزيرة، وطالب ابن تنباك بترك الشعر الحديث للزمن كي يحدد مصيره، والبدر يضادُّ من يدعو لتكوين هيئة للنشر، والحمدان قال : إنه سلَّم كثيرًا فلم يرد عليه السلامَ إلا القليل، والهويش قال إنه لو توقف عند كل خطأٍ لغوي إذاعي لما بُث من برامج الإذاعة إلا القليل، وابن سَليم أكد ثراء مكتبات القصيم بالمخطوطات، وزيدان أيقن أن «هداج تيماء» قرّبه من الشعر الشعبي، والمعلمي لم يعجبه في حسين نجار ترقيقُ الراء وأثنى عليه فيما عداها، ومقبل العيسى قال إنه كتب ضد البنيوية قبل الشيباني، ومحمد الفهد العيسى كتب عن القرية وعن الدانوب الأزرق.
* تبدلت الموضوعات منذ وقت الحوارات، واختلفت التساؤلات، ونشأت مدارس، وتطورت نظريات، وبرز جيل مختلف تعددت اهتماماتُه وتبدلت رموزُه.
* هذا الكتاب يُقرأُ بصفتيه المعرفية والتوثيقية.
* اعتذر التركي عن إعداد الصفحة بعدما قضى معها عامًا واحدًا، واستدرك لقاءاتٍ محدودةً جرت بعد زمنٍ من توقفه.
* كان توقيت الصفحة في زمن صعود الجدل حول الحداثة والعامية والنشر والطباعة والتجديد والتقليد.
* جاء الكتاب في 488 صفحة من القطع المتوسط.
* قام مركز ابن صالح الثقافي - الاجتماعي بمساندة المؤلف في صف الكتاب وتصميمه، وتولى التركي تبويبه وتصحيحه ومراجعته وطبعه على حسابه.