صيغة الشمري
هناك «علامة» تجارية معروفة، تعشق أن ترى زبائنها وهم يتكدسون في طوابير أمام بوابات فروعها المتعددة، عذرها أنها تحترم زبائنها لذلك لا يتم إدخال الزبون إلا ومعه بائع يرافقه، لكنك عندما تقف لساعات أمام بوابتهم تعرف أن الاحترام المزعوم ما هو إلا مجرد وهم ولا سبب لهذه الطوابير سوى أنها مجرد فكرة لصاحب قرار في هذه الشركة يصر على ذلك لسبب ما تعجز كل كتب التسويق وكتب الإعلام عن تفسيره!
هذا التصرف إن كان من باب احترام الزبائن ومنحهم الاهتمام الكافي داخل المحل لا يجب أن يكون على حساب وقتهم وتهميشهم خارج باب المحل وتكليف رجل أمن في ضبط تحركهم داخل الطابور في مشهد لا ينم عن ذرة احترام، إن كنت تحترم زبائنك فلماذا لا تمنحهم مواعيد مسبقة وحجزاً مسبقاً حتى تتلافى منظر تكدسهم أمام محلك في طوابير لا مبرر لها سوى المباهاة الزائفة، الذين يقبلون أن يقفوا في طوابير لساعات أمام محل لا يمكن أن يكون أغلبهم من الطبقة التي تبحث عنها، لأن الناس من جميع الطبقات يعتبرون وقتهم أثمن بكثير من بضائعك التي تجبرهم أن يقفوا في طوابير من أجلها، نتفهم الحاجة للوقوف في طوابير ونحترمها عندما يكون هناك ضرورة لها في أي مكان وأي زمان، ليس هناك إنسان فوق النظام وفوق الوقوف في طابور ولكن عندما تقتضي الضرورة، ولا ضرورة للوقوف في طابور أمام أي محل تجاري سوى الزحام الشديد أو محل يحوي بضائع ثمينة جداً وفخمة جداً وعادة هذا المحلات زبائنها نخبويون وقلة وليسوا بحاجة للوقوف في طوابير، لقد تغيرت مفاهيم التسويق القديمة، وليس هناك زبون بحاجة لبائع يحثه على الشراء أو يبيّن له مزايا البضاعة، أغلب الزبائن أصبحوا ينقسمون إلى نوعين لا ثالث لهما: زبون لديه جميع المعلومات ويعرف البضاعة التي يريد شراءها وزبون يحب أن يتمشى بين البضائع ثم يقرر الشراء من عدمه، الزبون لا يحب نظام البائع المرافق ولكنه يحب أن يكون هناك بائع جاهز لأي استفسار، الغريب الذي لم أستطع فهمه، أن هذه الطوابير ليست بسبب الزحام على المحل، بل بسبب قلة البائعين وكثرة المدراء داخل المحل الذين أحياناً يتجاوز عددهم عدد الزبائن الواقفين في الطابور لساعات!