خالد بن حمد المالك
تباينت ردود الفعل على استهداف إيران لإسرائيل بالمسيرات والصواريخ، بين من يرى أن إيران فشلت في تحقيق أهدافها، وأنها عزَّزت قبضة إسرائيل على غزة، وحرَّرت إسرائيل من الإدانات لجرائمها ضد المدنيين الفلسطينيين، وزادت على ذلك بأن نتنياهو هو المستفيد الأكبر، حيث كرّس الهجوم الإيراني زعامته، وخفّف من المطالبة الداخلية بعزله.
* *
لكن في المقابل يرى الإيرانيون أنهم اكتفوا عمداً بإرسال رسالة إلى إسرائيل مفادها أن طهران سترد بقوة إذا ما أقدمت تل أبيب على ضرب العمق الإيراني، معلنة بأنها تكتفي بهذا الرد، حتى وإن لم يحقق أهدافه، كون الولايات المتحدة الأمريكية قامت بما كان يجب أن تقوم به إسرائيل باعتراضها للمسيرات والصواريخ على الأراضي السورية والعراقية والأردنية، دون أن تصل إلى إسرائيل، وبذلك فإن الضرر قد تركز على الأراضي العربية التي تم تدمير المسيرات والصواريخ في أجوائها.
* *
ومما أثاره المتابعون استغرابهم لعدم قيام أمريكا أو إسرائيل أوهما معاً بالرد المتزامن مع بدء الهجوم الإيراني، خاصة وأن طهران كانت أعلنت عن بدء الهجوم قبل الموعد المحدد لوصولها إلى إسرائيل بثلاث ساعات، وسبقه ابلاغ إيران للدول المجاورة، والتنسيق مع أمريكا وفقاً لتسريبات من مصادر عدة بأن يكون الرد على إسرائيل لاستهدافها لقنصلية إيران في سوريا محدوداً، ومع هذا التنسيق غير المؤكد، إلا أن اكتفاء أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل بإبطال مفعول المسيرات والصواريخ قبل وصولها إلى إسرائيل يثير الانتباه حول ما يقال عن هذا التنسيق.
* *
ومن الواضح أن الأضرار التي تعرضت لها الدول العربية التي كانت أجواء مرور لمسيرات وصواريخ إيران أكثر مما تعرّضت له إسرائيل، حيث اقتصر الضرر في إسرائيل على إصابة طفلة من شظايا المسيرات والصواريخ التي أفلتت من تصدي أمريكا وحلفائها قبل وصولها إلى إسرائيل، ما يفسر ضعف التأثير، وتواضع حجم الانتقام الإيراني، ودور أمريكا في الدفاع عن إسرائيل وحمايتها.
* *
هذه الحرب أظهرت أن إسرائيل في مرمى القوات الإيرانية رغم بعد المسافة وتعقيداتها، وأنها قادرة على الوصول إلى عمق إسرائيل، إذا ما كانت أمريكا غير مشاركة في الدفاع عن إسرائيل، لكن ولأن تخلي أمريكا عن حماية إسرائيل أمر مستبعد، فإن التكتيك العسكري الإيراني على نحو ما حدث مساء يوم السبت الماضي محكوم عليه بالفشل، وأن أي حرب مستقبلية بافتراض حدوثها يجب أن تستفيد طهران من هذا الفشل، بما في ذلك الامتناع عن إعلان نواياها بحرب تكشف فيها الزمان والمكان والمدى قبل بدئها بساعات.
* *
هل هناك تنسيق ثلاثي بين أمريكا وإيران وإسرائيل كما تروّج لذلك بعض المصادر، وأن هناك تفاهمات مع أمريكا عبر الوسطاء السويسريين بحيث يكون الرد الإيراني محدوداً، بما يجعل إسرائيل تكتفي بموقف الدفاع بمساعدة أمريكا دون الهجوم، للحد من التصعيد، وعدم فتح معركة واسعة تعرّض مصالح الجميع للخطر، وهو ما ظلت واشنطن تحذِّر منه، رغم إعلانها عن دعم إسرائيل وحمايتها من أي هجوم عليها، وبالمجمل فإن إيران فشلت في تحقيق أهدافها، وتضررت المقاومة الفلسطينية في غزة، وبالتالي استفاد نتنياهو أمام معارضيه في الخارج وفي داخل إسرائيل.