عبدالمحسن بن علي المطلق
نفقد اليوم أحد سمات أسرتي حيث لها من الحظوة العلمية ما لا ترمد عنه عين المتابع لمناشط العلم، والشرعي منه.. بالأخص تأليف، الدكتور (عبدالملك بن يوسف بن محمد المطلق)، والذي يغيب اليوم جسده فقط عن تلك الحواضن لا حضوره، وذاك لما أفاء الله به عليه من علم، فضلاً عن أثر تركه بين تلكم الأواسط..
أبو عبدالله رغم أن بثوثه العلمية ربما انحصرت بين الأروقة الأكاديمية وبضعة لقاءات ممكن تُعد، لكن له في ميدان التأليف ما هو قائم سوقه مما تخصص به، ولعلي أذكر منها وأنا أخطّ هذه الأسطر على عجالة، ثلاثاً: 1-زواج المسيار (دراسة فقهية واجتماعية نقدية) 2- الزواج العرفي.. داخل المملكة العربية السعودية وخارجها 3-زواج «الفرند» بين حكمه الشرعي وواقعه المعاصر (زواج الأصدقاء).. لكني أجزم وأنا أنحو بتثاؤبي إلى (قلّة) متابعتي.. أن هناك غيرها من عطاءات، وعلى وصف للإخلاص بل ذات (المخلص.. الذي لا ينتظر شكراً من أحد)، فكذا مضى جلّ سبيل حياته خلف هذه الدلالة، أو كذا نحسبه، والله حسيبه، فلم ينشد يوماً صيتاً أو يطرق أبواب الأذان ليُعلم ما أُخفي من شخصه، لا عما عنده من علم سوى ما حتّم عليه أن يملي، وبالمناسبة فقد لقي من القوم صيتاً، حين أخذ بخطام موضوع أخذ من الذيوع يومها (زواج المسيار) - كما تقدم عن مؤلفاته- ما استوجب أن يجمع أمره ليخرج لنا عن جمع لشتاته والحكم الشرعي- لا يناسب أن يقال الموقف الشرعي-..سفرٌ جامعٌ ماتعٌ، وهاكم لكم نقرأ من أماني المؤلّفين في ختم «مقدمات» عطاءات أحدهما جملة (أرجو أن يجد القارئ الفائدة والمتعة)..، عوداً على مادتي/ لما أملى فيه جليل ما أبلغه الله من جُهد في تقصّيه، ولا شك أنه مع الأمانة العلمية التي تحتّم.. فقد زاد به مما يسّر له المولى أن يعانق به ربوة التمام، ولا غرو.. فالقمم لا مراتب لا تنال إلا بأعالي الهمم ولعل الدكتور رحمه ربّه التفت باكراً على هذه (.. ما من نُبل في تميّزك على أقرانك، بل النبل منافستك لذاتك)، مما تبصّرنا في ذاته لهدفٍ أسمى، والقلب قد وعى (فَاستبقوا الخيرات)، لأن «من سبق في الدنيا إلى الخيرات، فهو السابق في الآخرة إلى الجنات» -السعدي رحمه الله..- اللهم اجعل فقيدنا من السابقين للخيرات، نقول بهذا ونحن شهود الله في أرضه، وأزيد/ إذا جلس الغني على الحشايا فأنت على (المنابر) قد جلست .. ذهب بعد أن اضطلعنا فأدركنا ما بلغ، حتى توارد الناس وأخصّ (جموع أسرتنا) أثره العلمي، حتى بحثت بمكنوزي لأُجازي ما بلغ فينا، فلم أجد ما أقول بمثله، والذات منّي كالحة لفقده سوى.. (سلاما على من مرّ على مُرْنا .. فحلّاه) وحسب أن عطاءه الأثير .. الوثير الذي ما ضنّ به، وعلى قدر ما استطاع إيصاله، ففعل، حتى كتب موقع (كايرو تايمز) وهو ينشر خبر وفاته رحمه الله (.. ويُعتبر تاثه العلمي مصدراً ثميناً للمهتمين بالتعرف على فهم الدين، وتفسيره للكتب الدينية) مضى!، وبعد أن قضى معظم شهر الصبر -رمضان- وجسده تحت الأجهزة الطبية، وكل من حوله يلهجون للمولى- تعالى - أن يعيده صحيحاً معافىً، لكن ولكلّ قدره المحتوم وقعه تلقينا في صبيحة الـ22 من هذا الشهر اختيار الله له إلى جواره..
نسأل ربنا أن يكون ما أصابه درجة كتبها له عنده.. ليبلغها، فقد كان فقيدنا العبد الصابر الذي مما نراه أنّه للمولى أواب رحل وقد ترك فينا كلنا مكانة خاصة من علم وخُلق، وما ازدان به من جمال نفس .. عدا ابتسامة لا تُفارقه رحمكم الله يا الغالي، وجمعكم بالعم -والدكم- الشيخ يوسف.. وقد ذكّرتني فيه، وهل أبا عبدالرحمن يُنسى؟، لكن لعلي لأقول «شبل من ذاك الأسد»، بل/ هل ينبت الخطيّ إلا وشيجهُ..
نعم، وأنعم بالوالد وما ولد، رحمكما الله، وجمعنا بكم في مستقر رحمته، اللهم صلي وسلم على نبينا محمد.