خالد بن حمد المالك
من السابق لأوانه تحديد نوع وحجم وموعد الرد الإسرائيلي على إيران، إذ أن تل أبيب اعتادت على سرية أعمالها العسكرية، وعدم الإفصاح عنها، فهي ليست كما إيران التي قبل أن ترد على قيام إسرائيل باستهداف قنصليتها في دمشق، سارعت إلى إبلاغ دول الجوار بنوع وموعد وحجم ردّها على إسرائيل، بل ونسّقت حسب التسريبات مع الولايات المتحدة الأمريكية عبر الوسطاء السويسريين، وهو ما ساعد من حيث الوقت واشنطن وإسرائيل للاستعداد وإفشال الهجوم الإيراني.
* *
لكن من خلال قراءة للأخبار عن اجتماعات الإسرائيليين، وتصريحات الإدارة الأمريكية، والتسريبات من هنا وهناك يمكن القول إن الرد الإسرائيلي سيكون قريباً، ولكنه سيكون محدوداً، ولن يتجاوز ضرب هدف داخل إيران، مع تجنب أي إصابات أو قتلى بين الإيرانيين، وفي هذا حفظ لماء الوجه لكل من إسرائيل وإيران، ومحاولة لجعل إيران لا تُقدم على خطوة من شأنها أن تزيد من التوتر في المنطقة، وتأخذ بالتصعيد إلى ما يُشعل فتيل القتال بأكثر مما حدث.
* *
صحيح أن إيران تتوعد بعمل عسكري كبير أياً كان حجم استهداف إسرائيل لها، ولكن لا أعتقد أن إيران في وضع يسمح لها بضربة مُوجعة لإسرائيل، والدليل إفشال أمريكا من أن تصل المُسيّرات والصواريخ الإيرانية إلى إسرائيل، باعتراضها لها في الأجواء العربية وتدميرها دون أن تلحق أي ضرر بإسرائيل، وهو ما سيتم فيما لو فكرت طهران بتجربة جديدة للرد على هجوم إسرائيلي داخل العمق الإيراني فيما لو حدث.
* *
إسرائيل هي الأخرى مُنغمسة في مُستنقع قطاع غزة منذ أكثر من ستة أشهر، وفي مناوشات مع حزب الله في لبنان وسوريا، ومع ميليشيات تابعة لإيران في سوريا، وكذلك مع الحوثيين في البحر الأحمر واستهدافهم لإيلات، ما يجعل لإسرائيل مصلحة بعدم التصعيد، حتى وإن كانت معتمدة على أمريكا وحلفائها في الدفاع عنها في مواجهة كل هذه التحديات، ومساعدتها على التمسك بالاحتلال لفلسطين وأراضٍ سورية ولبنانية، الأمر الذي يجعل إسرائيل حذرة ومُترددة في نوع وحجم الرد على طهران.
* *
وبالتأكيد، فإن أياً من دول المنطقة، بل ودول العالم، لا مصلحة لها في تأجيج الصراع في المنطقة، ومع ذلك فإن القوى الكبرى التي تقودها أمريكا تتصرف بما يخالف رغبة الجميع في استقرار المنطقة، من خلال دعمها الأعمى وغير المشروع لإسرائيل، التي هي أسباب كل هذا التوتر الدائم في المنطقة باحتلالها لأراضٍ ليست لها، ورفضها قيام دولة للفلسطينيين على أراضيهم التي احتلت عام 1967م، وزيادة على ذلك التنكيل بالفلسطينيين تحت الاحتلال، وحرمانهم من حقوقهم المشروعة في الحياة.