سارا القرني
بدأت الدولة خطوة مباركة بالتشهير بمرتكبي جرائم التحرّش الجنسي، وأصبحنا نرى أسماء المتحرّشين كاملة كعقوبة صارمة لهم، ورادعاً لكلّ من تسوّل له نفسه القيام بنفس الجريمة الشنعاء، وهو بالطبيعة سينعكس إيجاباً على المجتمع، حتى لا تكون نسبة التحرّش اللفظي والجسدي في تزايد نتيجة استهتار البعض بالأنظمة والقوانين وعدم مخافة الله في أنفسهم قبل النساء!
وفي الآونة الأخيرة بدأت كثير من الحسابات في برنامج X أو ما يُعرف بتويتر سابقاً.. بالتصدي لهذه الفئة وفضحهم على رؤوس الأشهاد، وهي خطوة لا أباركها لأنّ العقوبات وتطبيق القانون فقط بيد الدولة، لكني أستدلّ بها على وعي المجتمع ورفضه لهذه الأفعال الشنيعة والمستنكرة لدى كلّ الأوساط، لكنّ البعض استغلها للتشهير وتصفية الحسابات مع الكثير من رواد التواصل الاجتماعي والمشاهير.
لا أدافع عن فئة ولا أستهدف فئة أخرى.. فكلّ ما أريده ونريده جميعاً هو الاتزان وعدم التسرّع ونشر الأخبار المغلوطة والانجراف وراء الشائعات التي تُطلق على كثير من الأشخاص العفيفين وإن لم يعجبنا مظهرهم، فنحن بذلك نشوّه سمعة ونهدم بيوتاً ونفكك أسراً، فهل التحرّش يقتصر فقط على ما تلتقطه الكاميرات في الشوارع والأسواق التجارية وما يتقدم به الضحايا من شكاوى لدى الجهات المختصة؟ أم أنه يطال كذلك مواقع التواصل الاجتماعي دون أن يتقدم أحد بشكوى، وذلك بعد رصد الجهات المعنية لهذه الحسابات؟
في حقيقة الأمر.. باتت الكثير من المعرفات في وسائل التواصل الاجتماعي مزعجة وبغيضة، بين من يدافع عن النسويات ومن يفرض ذكوريته، وما بين الدفاع والفرض تجد التشكيك في الأعراض والذمم والدخول في النوايا ولوي عنق الكلمات وتحريف مقاصد أصحابها حتى تنتصر فئة على أخرى، فمن أوحى لرجلٍ ما أنه هو الوكيل عن بقية الرجال وتحديد مواصفات النساء الطيبات الطاهرات، ومن أوحى لامرأةٍ أنها وصيةٌ على جميع النساء كي تحدد مقاسات الرجل الصالح ومدى نفعه لها؟!
في برامج التواصل الاجتماعي.. تقع جرائم شنيعة معنوية وغيرها على كثير من الأشخاص الذين يتفاجؤون بجيش فلان أو فلانة يندفعون في صفحته الشخصية بالسب والشتم والقذف والأقوال البذيئة والتحرّشات، والأدهى أن تجد أحدهم يقول «في فمي ماء.. ولا أملك أتعاب المحامي كي أتحدث» لتجد الآخر ينبري مثل عنترة في الحرب ويقول «قُل ما تشاء وأنا زعيم بأموال المحامي والمقاضاة»، ألهذا الحدّ صار القذف والتحرّش والبذاءة متاحاً لمن يملك مالاً يدفعه للمحامي؟ ثم هل يقبل المحامي الترافع عن شخص بذيء يقذف أعراض الناس؟! وواللهِ لو كنت مسؤولة لشطبت اسم كلّ محامٍ يقبل بقضايا مثل هذه!
أعلم أنني خرجت عن الموضوع.. وهو التشهير كعقوبة صارمة لكلّ متحرّش، ولتصبح العقوبة أشمل.. لا بدّ من إدراجها كعقوبة للكثير من القضايا مثل ترويج المخدرات والمشككين وخائني أمانة وطننا الغالي.
عقوبة التشهير.. خطوة مباركة من حكومتنا الرشيدة، كي تقمع كلّ أذى قبل أن يقع، وكي يفهم كل من يعتقد أنه سينجو من فعلته الشنعاء بسجن مؤقت أو غرامة مالية.. أنّ سمعته ستكون على المحك وإلى الأبد!