سهوب بغدادي
يمعن البعض في سبر أغوار الماضي ويهيم البعض الآخر في التوجس مما يحمله المستقبل، ابتداءً من الذكريات المؤلمة وصولًا إلى المخاوف المحتملة والتي قد تتكرر في حياة الإنسان، متغافلين من هذا السياق عن كون الحاضر أهم ما يملك الشخص، فالحاضر هو الماضي، والحاضر هو انطلاقة ولبنة المستقبل، فكيف بزمان واحد أن يحوي عدة أزمنة واعتبارات واحتمالات؟ لا بأس في التفكر في أخطاء الماضي والاتعاظ منها لتجنبها وأخذها كوسيلة توجيهية، لا نمط حياة مغموراً بالبؤس واليأس والحسرة والندامة، ولا ضير في المقابل من التخطيط للمستقبل بشكل هادف وعقلاني بغية الوصول إلى مراد محدد، شريطة ألا يفرط الإنسان في عملية التفكير، ويضيع وقته ويتلف جهده، إن الحاضر هو كل ما تملك حقًا، ليس فقط فيما يتعلق بالأفكار، بل أيضًا الأفعال، فما تزرعه اليوم تجنيه غدًا، لذا يتحتم أن يكون الغراس طيبًا ليعود عليك وعلى غيرك بالمنفعة، والعكس صحيح، وقس من هذا المنطلق على ذلك، «لا أعرف إن كنت أقتل أيامي أم أنَ أيامي تقتُلني، في الحالتين هناكَ جريمة تحدُث» (دوستويفسكي).