عطية محمد عطية عقيلان
حققت المبتعثة السعودية لدرجة الدكتوراه «بشرى مظفر» المركز الأول عالمياً، عن بحثها في تأثير الزنك بتغيير حاسة الذوق بعد جراحات السمنة، وذلك في مؤتمر الجمعية البريطانية لجراحة السمنة والتمثيل الغذائي والذي عُقد في بريطانيا في مدينة برمينجهام 2023م، كذلك كشفت دراسات أمريكية بجامعة «نوتنغهام» أن مرض السمنة يؤثِّر بالسلب على مناطق في الدماغ المسؤولة عن حاسة التذوق، وهذا يأخذنا إلى تأثر بعض الحواس مثل النظر والسمع تتأثر بعوامل السنين وطبيعة العمل والجو والعديد من المؤثّرات، والكثير من النوابغ الذين فقدوا حاسة أو أكثر عوّضوها ببذل جهد وعمل لتقوية حواسهم الأخرى، والاستفادة القصوى من إمكانياتهم لتعوّض الإعاقة أو العجز، وهنالك عشرات النماذج لمبدعين ومخترعين تحدوا على إعاقاتهم أو فقدان بعض حواسهم وأبدعوا في مجالاتهم، منهم من فقد حاسة البصر ونجحوا وتركوا بصمة في مجالهم، كالشاعر الأموي بشار بن برد، وكذلك عميد الصحافة العربية الدكتور طه حسين، والموسيقار عمار الشريعي، ومخترع نظام برايل للقراءة والكتابة «لويس برايل» ولكنهم تخطوا صعوبة وتحديات الإعاقة وحققوا نجاحاً وتركوا أثراً خدم الإنسانية، منهم العالم الحاصل على جائزة نوبل انيشتاين والمصاب بمتلازمة «أسبرجر» وهي إحدى علامات التوحّد، والتي يعاني منها أيضاً رجل لأعمال الأمريكي ألون ماسك، كذلك لم تمنع الإعاقة من نجاح رجل العمال السعودي سلطان العذل -رحمه الله -، حيث لم يكن لديه سوى حاسة السمع والبصر، وهناك عشرات النماذج لعلماء وعباقرة في كافة المجالات تحدوا فقد حاسة أو أكثر وكانت محفزة لإبداع والنجاح، لذا عزيزي القارئ لي ولك مهما كانت الصعاب والتحديات والمعوقات التي تواجهنا، نستطيع بالإدارة والمثابرة والعمل على تجاوزها ولنؤمن أن في كل حدث شيء أو فاجعة درساً مستفاداً ومفيداً يمكن أن نستثمره، بل يفترض أن نسعى إلى تنمية حواسنا قدر المستطاع والاستفادة القصوى منها، وكذلك نعمل على زيادة حواسنا بمزيد من البذل والعطاء والتسامح والإنسانية، وفي نظري أن الفرد يستطيع زيادة حواسه من خلال ما يقدمه لأسرته وأصدقائه والإنسانية جمعاء، وتعجبني مقولة نيلسون مانديلا « الشعور بالآخرين، حاسة سادسة لا يمتلكها إلا الأنقياء».
خاتمة: تقول الحكمة الصينية «في صراع الماء مع الصخر، بمرور الوقت يفوز الماء» وهي تلخص طريقة تعاملنا من الضعف في حواسنا أو قدراتنا أو الصعاب التي تواجهنا، والتي تتطلب لكي ننجح التعامل معها بالعمل بإصرار وعزيمة ومثابرة مستمرة. يقول الكاتب وعالم النفس الأمريكي ديل كارنيجي «أنا مصمم على بلوغ الهدف، فإما أن أنجح وإما أن أنجح»، وهذا ما يتوجب علينا فعله بالمحافظة على ما نملكه من حواس وقدرات وبالحرص عليها من الضعف أو النقص أو التبلد، أو أضعف الإيمان بعدم هدرها فيما يضر ولا ينفع.