محمد سليمان العنقري
نهوض أي اقتصاد يحتاج إلى قطاع تامين ذي كفاءة عالية وعادة ما يلعب دوراً مهماً بالاقتصاد حيث تصل نسبته إلى حوالي خمسة بالمائة في الاقتصادات المتقدمة كما أنه يعد من أهم المستثمرين بالأصول المالية وبذلك يعد رافداً مهماً في دعم التنمية وفي المملكة يحظى التأمين باهتمام من الدولة نظراً لأهميته البالغة اقتصادياً واجتماعياً ومؤخراً تم إنشاء هيئة حكومية تُعنى بالقطاع وتنظيمه والنهوض به ليواكب رؤية 2030م وتعمل الهيئة الوليدة على تنظيم السوق لزيادة حجمه ودوره الاقتصادي وإحدى تلك الركائز التي أقرتها الهيئة هي الاستمرار في توطين الإدارات في الشركات حيث صدر مؤخراً قرار بعدم منح غير العاملين في المبيعات أي عمولات تتعلق بالمبيعات وبذلك يمنع منعاً باتاً أن يقوم بعمل المبيعات أي شخص غير مرخص لهذا العمل وهي خطوة مهمة جداً فالهدف هو أن تكون إدارات المبيعات مشغولة بمواطنين وبكفاءة تنظيمية تسهم بتطور نشاط التأمين وزيادة المنفعة منه للاقتصاد وليس فقط زيادة بنسبة السعوديين العاملين في القطاع بل أن تكون أغلب الإدارات بالشركات خاضعة للتوطين بنسبة مطلقة.
إن التأمين أحد أهم القطاعات المالية ويزيد حجمه عن 60 مليار ريال بينما تبلغ عمولات المبيعات حوالي 2،8 مليار بما يعادل 5 بالمائة وهي أرقام تعد كبيرة وقابلة للزيادة مع التوقعات بأن يتضاعف حجم القطاع خلال السنوات القليلة القادمة، فالقرار يهدف إلى دعم الكفاءات والقدرات الوطنية وتمكينها لتكون لها فرص واعدة في النجاح بمجال المبيعات وذلك وفق أفضل الممارسات العالمية وهو ما سينعكس على تطوير وتحسين قدرات الكفاءات الوطنية العاملة في القطاع حيث تقنن المنافسة لمن هو مرخص للعمل بمجال المبيعات وعدم مزاحمتهم من غيرالمختصين الذين يشوهون السوق ويتسببون بخلل كبير يضر بمصلحة القطاع ويحقق منفعة ضيقة لهم فقط ويؤثر على تطور المرخصين بمجال المبيعات بالإضافة إلى أن القرار يعزز المساهمة في رفع نسب التوطين وخفض نسبة البطالة في السعودية نظراً للعدد الكبير للفرص التي يولدها قطاع التأمين كما يساهم القرار في رفع وتعزيز حوكمة مبيعات المنتجات التأمينية لأنها ستكون أكثر دقة ومهنية فالهدف هو تصحيح الوضع القائم المتمثل في الاستعانة بالبائعين الأجانب فمهنة المبيعات لاتحتاج لاستقطاب عمالة وافدة فالكوادر البشرية الوطنية المؤهلة قادرة على تلبية احتياجات السوق حالياً ومستقبلاً، فقطاع التأمين ومع التوسع بتوطين إداراته سيمثل فرصة مهمة للشباب الباحث عن وظائف نوعية بمجال مهم وبمستوى من الدخل مرتفع وبحوافز جيدة كما يشجع ذلك على التوجه لتخصصات تخدم قطاع التأمين.
تنطلق هيئة التأمين نحو نقل القطاع لمرحلة متقدمة من الصناعة التأمينية وليزداد حجمه خصوصاً في المجالات غير الإلزامية للتأمين فمازال التأمين الصحي وكذلك المركبات يمثلان 80 بالمائة من حجم القطاع ومع التوجه لتوطين مهن المبيعات بالإضافة لما يصدر من أنظمة وتشريعات فإن الاتجاه نحو مزيد من التغطيات التأمينية للأصول بمختلف أنواعها وطرح منتجات متقدمة وهو ما يتطلب كوادر بشرية مؤهلة ومنظمة وسوقاً صحياً وهو ما ترمي له قرارات التوطين في القطاع وما تتجه له الهيئة من خلال إشرافها على القطاع وتطويره بكافة الجوانب ومنها رأس المال البشري.