سليمان الجعيلان
مصطلح المظلومية هو مفهوم سياسي وموروث ديني تمتد جذوره إلى فجر تاريخ البشرية ويستخدم لتحقيق أهداف معينة في أوقات محددة ويوظف كأداة ابتزاز للحصول على حقوق غير مستحقة أو كسب القضايا بطرق غير مشروعة وتزدهر فيه سوق المزايدات وتنمو معه بضاعة الابتزازات.. هكذا عرفته الكتب السياسية وتحدثت عنه المراجع الدينية.
وبكل أمانة ومصداقية لم أجد عنه موضوعًا في المكتبة الرياضية ربما لأن المظلومية لم تكن ظاهرة دولية بقدر ما أنها باتت ثقافة محلية بدليل موافقة رابطة الدوري الإسباني في الأسبوع الماضي على طلب نادي ريال مدريد تأجيل مباراته أمام فريق ريال سوسيداد في الجولة (33) من الدوري الإسباني بهدف منح فريق ريال مدريد المزيد من الراحة للاستعداد لمباراة ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا أمام بايرن ميونيخ الألماني دون احتجاجات أو بيانات من بقية الأندية الإسبانية كما حصل في الشأن المحلي، وحدث من الحشد الثلاثي وأعني هنا أندية الاتحاد والأهلي والنصر الذين بادروا وسارعوا بإصدار بيانات إعلامية لمجرد عودة الحق الهلالي بعد أن قررت لجنة المسابقات برابطة دوري المحترفين السعودي تصحيح وتعديل خطأ وضع وحشر مباراة الهلال أمام الأهلي بين مباراتي الهلال والعين في نصف نهائي دوري أبطال آسيا بحجة تعديل روزنامة الاتحاد الآسيوي!
وحقيقة لم أستغرب أو أتعجب من هذه البيانات وهذه الضغوطات لهذا الحشد الثلاثي والمعروف سلفاً الهدف منه هو تطبيق المزيد من الابتزازات وتحقيق الكثير من الامتيازات لهذه الأندية الثلاثة انطلاقاً من ثقافة المظلومية المزعومة ولكن الذي استغربه وأتعجب منه هو حديث هذه الأندية الثلاثة عن عدالة المنافسة وتكافؤ الفرص بين أندية دوري روشن ولاسيما أن الإعلام الرياضي والجمهور السعودي يدرك ويعي ما وجدته وتجده هذه الأندية الثلاثة من دعم في التعاقدات وفي القرارات وكذلك في تأجيل أو نقل المباريات كما حدث في قرار لجنة المسابقات برابطة دوري المحترفين السعودي تأجيل مباراة الطائي والاتحاد في الجولة الـ(19) بسبب سوء الأحوال الجوية، وكما حصل في موافقة لجنة المسابقات برابطة دوري المحترفين السعودي على طلب إدارة نادي الأهلي نقل مباراة الوحدة والأهلي في الجولة الـ(27) من ملعب الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة إلى ملعب الأمير عبدالله الفيصل بجدة بحجة الزحمة المرورية.
هذا بالنسبة لناديي الاتحاد والأهلي أما ما يخص نادي النصر فالمساحة لا تكفي لسرد الأمثلة والنماذج للدعم الذي وجده داخل وخارج الملعب ولكن وكما قلت سابقاً هي محاولة مستمرة لاستخدام واستغلال ثقافة المظلومية وهذا بحد ذاته تشويه لمشروع تطور وتقدم الرياضة السعودية! وعلى كل حال من الظلم والإجحاف أن يتم تشويه مشروع الرياضة السعودية التاريخي والنهضوي بمثل بهذه البيانات الخاطئة وبمثل هذه المزايدات الممنهجة وبمثل هذه الابتزازات الموجهة من بعض إدارات الأندية التي تحاول توظيف ثقافة المظلومية للحصول على معاملة استثنائية عن بقية الأندية ولذلك أعتقد أنه آن الأوان أن تتدخل المؤسسة الرياضة ولجنة التعاقدات بصندوق الاستثمارات السعودية العامة باتخاذ إجراءات وقرارات حازمة وصارمة لوضع حد لهذه البيانات المضللة للحقيقة وهذه الممارسات المشوهة للرياضة السعودية لعل وعسى أن تمنع وتردع هذه المزايدات والابتزازات المستمرة والمؤسفة!
السطر الأخير
لا يمكن أن يكون فريق الهلال الذي واجه فريق العين بمدينة العين في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال آسيا وخرج بنتيجة مخيبة وخسارة كبيرة هو الهلال الذي أفرح الهلاليين ولا يمكن أن يكون هو الهلال الذي يسر الناظرين ولا يمكن يكون هو الهلال الذي يخافه المنافسون ولا يمكن أن يكون هو الهلال الذي أشاد فيه الفنيون ولا يمكن أن يكون هو الهلال الذي نال أعجاب المحايدين وامتدحه المنصفون، بل هو الهلال الذي يريده ويتمناه الشامتون بهذا المستويات المتواضعة وهذه الخسائر الكبيرة. والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل يستطيع مدرب ولاعبو الهلال الخروج من الصدمة واستعادة الثقة بإمكانياتهم وقدراتهم على تجاوز جميع التحديات والصعوبات وإسعاد جماهيرهم بانتزاع بطاقة التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا في مباراة الإياب أمام العين بعد غد الثلاثاء؟! هذا ما يتمناه جميع الهلاليين، بل وكل الرياضيين الوطنيين.