رمضان جريدي العنزي
الرسائل الوعظية، والفيديوهات الناصحة ذات المحتوى الراقي السليم، والمقالات الهادفة، لا يُهتم بها أو يكترث لها أو يتفاعل معها، ولا يلقى لها بال، عكس الرسائل التافهة والفيديوهات ذات المستوى الثقافي المتدني، والمحتوى السخيف الهزيل، وسطحية الطرح واللغو الاستعراضي السطحي فالإقبال عليها والتفاعل معها وتداولها كبير وتنتشر كانتشار النار بالهشيم، إن الوعي المسطح، والفهم القاصر، واستحسان التفاهة والرداءة والابتذال والسخرية، أنتج فكر التفاهة، وأظهر قلة الوعي، وأبان هلامية الفهم والإدراك، أن تملك وعياً يعني أن تكف عن متابعة الترهات والرداءات والسخافات، وترتقي بالنفس نحو معالي الفهم الراقي، إن الوعي ليس ترفاً قلسفياً يبعد عن الواقع، إنما الواقع هو الذي يملي ضرورة وأهمية تفعيل الوعي والارتقاء بالفكر، فبالوعي يتخطى الإنسان مستنقعات اللغو وحفر السقوط ومنغصات الحياة، والخروج بشكل كامل من وهن الطرح السقيم، ليرى جماليات الحياة على حقيقتها، بعيداً عن غبش البذءات ورخاوة البث.
إن العقل الواعي لديه القدرة الكاملة على التعرف على جيد الطرح من ضعفه ووهنه، لقد ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان بالوعي الذاتي والتفكير الإدراكي عن غيره من باقي المخلوقات، فمنح الإنسان المعرفة والتميز والتأمل والاستنباط، إننا نعيش في الآونة الأخيرة في عالم الرقمنة والإنترنت ومواقع التواصل والتنافس الاجتماعي، العالم بات مختلفاً تماماً عما اعتدنا عليه سابقاً في العقود التي مضت، فالأفكار والطروحات والآراء والخصوصيات أصبحت مكشوفة وبائنة، إن الإنسان الواعي صاحب المعرفة والإدراك، هو الذي لا يتأثر ويصدق كل ما يشاهده ويقرأه من خلال هؤلاء الذين يطلق عليهم بالمؤثرين، يجب أن يكون الإنسان مستقلاً بفكره ووعيه وأن لا يجعل كل الأشياء التي تبث على وسائل التواصل تؤثر عليه أو تسوقه نحو متاهات العتمة والضباب، عليه أن يبتعد عن كل ما هو فارغ، وتعزيز وعيه في متابعة النافع واختيار المفيد، إن وعي الإنسان يمنحه القدرة على تحليل الأمور بهدوء وموضوعية، كما يجعله أكثر انفتاحاً ودراية في الفهم والتقييم والفرز والتمحيص وبناء الحصن المنيع الي يحمية من الأفكار الهدامة والبذاءات والسخافات المضيعة للوقت، إن الإنسان لا رقيب عليه سوى وعيه الذي بالتأكيد يصده عن دهاليز الظلمة وتعرجات الظلام وضجيج المواقع والطروحات الخالية من الفكر البناء والإضافة الهادفة.