سهوب بغدادي
في تمام الساعة التاسعة مساءً، وقف أحدهم في انتظار أحد المستشفيات ليسأل موظفة التأمين الطبي عن إحدى الموافقات الصعبة، فقامت الموظفة بكل هدوء بعمل المطلوب، ومن باب الفضفضة وتجاذب أطراف الحديث بحلول نهاية الدوام أخبرها المريض عن عدم تمكنه من حجز موعد للأشعة، فسرعان انتهاء الجملة، أخذت الموظفة بسماعة الهاتف وطلبت تحويلة قسم الأشعة، فلم تجد ردًا، فقامت من كرسيها على الفور وطلبت من المريض أن يرافقها إلى الطابق العلوي، حيث يتواجد قسم الأشعة، فطلبت منهم أن يقوموا بعمل اللازم! إلى جانب بشاشتها وحفاوتها طوال الوقت مع الجميع، إنه وصف دقيق «للجوكر» أو ما يعرف بالموظف الجوكر، وهو الذي يعمل في كل مكان وزمان، وإن كانت المهام غير مسندة إليه، بغض النظر عن كون الظاهرة صحية من عدمها، إلا أنها موجودة وتعد من السمات الشخصية للإنسان، فالجوكر في العمل قد يكون جوكراً في العائلة احتمالًا، فيكون الشخص الذي يهتم بالمناسبات الخاصة بالعائلة صغيرها وكبيرها وتنسيقها، وعمل الاحتفالات وغيرها، وقس على ذلك في بقية المجالات الحياتية، قد تعاني مشرفة التأمين عهود البديوي من تصنيف جهودها المبذولة كمسلّمات، وقد يشعر أمثالها -وهم قلة- بعدم التقدير والإنصاف، ولا يعني هذا الأمر أن يتوقف الشخص عن العطاء بتاتًا، فالأعمال بالنيات والجزاء سيكون من جنس العمل، وإن عانى الجوكر من قلة التقدير من القائمين على المكان، فسينعكس تقديرهم ممن في المكان ككل.
«في الحياة أمامك خياران، إما أن تملأ العالم ضجيجًا بدون عمل، أو أن تملأه تأثيرًا بدون ضجيج» «آرثر شوبنهاور».