أجرى الحوار - عوض مانع القحطاني:
قال معالي الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب د. محمد بن علي كومان بأن هناك جهوداً لوزراء الداخلية العرب لدفع مسيرة التعاون الأمني العربي بما يتواكب مع المستجدات والأحداث التي نشهدها اليوم في العالم العربي..
وأكد د. كومان خلال حديثه لـ»الجزيرة» بأن الاجتماع الأخير لوزراء الداخلية العرب شهد استعراض هذه الخطوات والإنجازات للوصول إلى أفضل العمل الأمني والاجتماعي بين هذه الدول وفق معايير أمنية جديدة ومفاهيم حديثة لمواكبة هذه المتغيرات على الساحة الأمنية، والتصدي لمواجهة الأعمال الإرهابية وتجفيف منابعها ودوافعها الفكرية الطائفية ومحاربة المخدرات.
وأشار الأمين العام إلى أن هناك خطوات هامة وجادة لدفع العمل العربي المشترك وتوحيد الجهود والتصدي لمنع بؤر التوتر وتنامي التهديدات في كافة الدول العربية، وأضاف أن الأمانة العامة تعمل وفق رؤية واضحة لدحر التنظيمات الإرهابية ونشر الوعي بين المجتمعات.. وإلى نص الحوار:
* معالي الأمين العام هل لمعاليكم أن يحدثنا عن جهود الأمانة العامة خلال الفترة الماضية؟
- إن ما بذله مجلس وزراء الداخلية العرب وأمانته العامة خلال الفترة الماضية وما تم تحقيقه من إنجازات حتى الآن يعد مصدر فخر واعتزاز، ولو أردنا أن نستعرض بإيجاز أهم ما قام به المجلس خلال الفترة الماضية وحتى الآن، فإننا نتوقف عند عدد من المحطات الرئيسية، ولا بد في البداية من الإشارة إلى الإستراتيجية الأمنية العربية التي تم اعتمادها عام 1983م، وانبثقت عنها حتى الآن إحدى عشرة خطة مرحلية تم تنفيذ الخطط العشر الأولى منها بنجاح كامل ويجري الآن تنفيذ الخطة الحادية عشرة التي بوشر العمل بها هذا العام، كما نشير أيضاً إلى الإستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية والتي انبثقت عنها حتى الآن عشر خطط مرحلية أيضاً. وإضافة إلى ذلك فقد اعتمد المجلس الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب وخططها المرحلية، علماً أنه وفي نطاق مكافحة الإرهاب أيضاً فقد توصل المجلس عام 1998م، بالتعاون مع مجلس وزراء العدل العرب إلى وضع الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، التي شكلت نقلة هامة على صعيد مواجهة الظاهرة الإرهابية الخطيرة، كذلك تم اعتماد القانون العربي النموذجي لمكافحة الإرهاب والخطة الإعلامية العربية النموذجية الشاملة لتوعية المواطن العربي ضد أخطار الإرهاب وتحصينه بالقيم الروحية والأخلاقية والتربوية، هذا فضلاً عن مدونة قواعد سلوك للدول الأعضاء في مجلس وزراء الداخلية العرب لمكافحة الإرهاب.
ومن إنجازات المجلس أيضاً اعتماد الإستراتيجية العربية للتوعية الأمنية والوقاية من الجريمة والاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، والإستراتيجية العربية للحماية المدنية وخططها المرحلية والإستراتيجية العربية النموذجية لوقاية الأحداث وإصلاحهم والإستراتيجية العربية للسلامة المرورية وخططها المرحلية.
أما على الصعيد الاجتماعي، فقد اهتم المجلس بالفئات الضعيفة من المجتمع، فأعد دراسة عن سبل توفير رعاية مرورية لذوي الاحتياجات الخاصة كما اهتم برعاية السجناء والمفرج عنهم وتأهيلهم للعودة إلى الحياة العملية وبرعاية المدمنين بعد علاجهم، فأعد في عام 2001م، نموذجاً خاصاً بهذا الشأن. كذلك أولى المجلس عناية خاصة بالأسرة، فاهتم في دورته الثامنة عشرة بموضوع النهوض بالأسرة في ظل العولمة، كما ناقش في مناسبات عدة موضوع العنف الأسري وطرق مواجهته.
وحرصاً على صون كرامة المواطن العربي وضمان حقوقه فقد اهتم المجلس بموضوع حقوق الإنسان، وأكد على ضرورة مراعاة حقوق الإنسان والحريات العامة أثناء ممارسة العمل الأمني وتطبيق القانون، كما قرر المجلس تنظيم مؤتمر دوري للمسؤولين عن حقوق الإنسان في وزارات الداخلية العربية.
* هل قرارات وزراء الداخلية العرب التي تتخذ نافذة وتطبق على أرض الواقع؟
- من خلال متابعتنا المستمرة لمدى تنفيذ الدول العربية للقرارات الصادرة عن دورات المجلس، فإنه يتبين أن هناك تجاوباً كبيراً مع هذه القرارات وهذا الأمر ليس بغريب، باعتبار أن كل القرارات تصدر بالتوافق والإجماع، وقد يحدث أحياناً بعض التأخير في تنفيذ هذا القرار أو ذاك في هذه الدولة أو تلك، ولكن يردنا بعد ذلك ما يؤكد دخول ذلك القرار حيز التنفيذ، وهذا يعود إلى الجدية التي تتعامل بها وزارات الداخلية العربية مع قرارات المجلس الموقر، وهذا الواقع هو ما جعل مجلس وزراء الداخلية العرب يقف في مقدمة مؤسسات العمل العربي المشترك من حيث الإنجاز والإنتاجية، وكذلك من حيث التقدير والاحترام، ومع ذلك فإنّنا نطمح دوماً إلى المزيد لكي يبقى المجلس نقطة مضيئة وبارزة في سماء العمل العربي المشترك.
* ما أهم الموضوعات التي تبحث عادة أمام وزراء الداخلية العرب؟
- إن جدول أعمال دورة مجلس وزراء الداخلية العرب يتضمن العديد من المواضيع الهامة التي تشغل بال الجميع وتأخذ حيزاً كبيراً من اهتماماتهم، ومن بين البنود التي تدرج على جدول الأعمال تقرير الأمين العام للمجلس الذي يتناول النشاط الذي قامت به الأمانة العامة خلال عام، سواء من حيث المؤتمرات والاجتماعات التي عقدتها لرؤساء وممثلي الأجهزة الأمنية العربية، أو تلك التي شاركت فيها على الصعيدين العربي والدولي، والتي جاءت خدمةً لأهداف المجلس ورسالته أو من حيث الدراسات والبحوث والتقارير التي أعدتها، كما يتضمن التقرير نتائج متابعة تنفيذ القرارات التي اتخذها المجلس في الدورة السابقة، والتي تساهم في تدعيم مسيرة العمل الأمني العربي المشترك.
ويتضمن البند الثاني من جدول الأعمال تقرير رئيس جامعة نايف العربية للعلوم عن أعمال الجامعة خلال عام، ويعرض التقرير الإنجازات الهامة التي قامت بها الجامعة على صعيد تطوير الكفاءات العلمية والتدريبية للعاملين في أجهزة الأمن العربية، بما يساهم في تنمية خبراتهم ومعارفهم، وذلك من خلال الدورات التدريبية واللقاءات العلمية والمحاضرات الثقافية التي نظمتها، وكذلك الدراسات والبحوث التي أجرتها بالإضافة إلى برامج الدراسات العليا التي تنفذها الجامعة بكفاءة ونجاح.
كما يتضمن جدول الأعمال مجموعة من التقارير السنوية التي تتناول مدى تنفيذ العديد من الإستراتيجيات والاتفاقيات والخطط التي أقرها المجلس، ويتضح من جملة هذه التقارير مدى حرص الدول الأعضاء على تدعيم المسيرة الأمنية العربية ودعم خطاها ودفعها إلى أفضل المستويات لما فيه أمن المواطن العربي وسلامته.
وعلى جدول الأعمال أيضاً بند يتعلق بتوصيات المؤتمرات والاجتماعات التي تنعقد في نطاق الأمانة العامة خلال عام، للنظر في اعتمادها من المجلس الموقر لتأخذ طريقها إلى حيز التنفيذ، علماً بأن هذه التوصيات تتناول مختلف جوانب العمل والتعاون الأمني بين الدول الأعضاء.
كما يتضمن جدول الأعمال لوزراء الداخلية العرب مشاريع خطط مرحلية لتنفيذ الاستراتيجيات الجديدة والمفاهيم التي تواكب المتغيرات والأحداث، ومشاريع هامة لقوانين أو اتفاقيات وغيرها من المواضيع التي تستجد على جدول الأعمال في ضوء متطلبات العمل الأمني العربي المشترك.
* ما هي جهودكم في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف؟
- يمكن القول إن مجلس وزراء الداخلية العرب كان له فضل السبق في التحذير من ظاهرة الإرهاب، والأخطار الكبيرة التي يشكلها على مختلف الدول والشعوب في كافة أنحاء العالم، وقد بدأ المجلس الموقر يركز على هذا الموضوع منذ مطلع التسعينيات، وقد بادر، إلى جانب البيانات السنوية التي كان يصدرها بهذا الشأن، إلى اتخاذ خطوات عملية عديدة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، اعتماد مدونة قواعد سلوك ضد الإرهاب، الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب وخططها التنفيذية، القانون العربي النموذجي لمكافحة الإرهاب، والخطة الإعلامية العربية النموذجية الشاملة لتوعية المواطن العربي ضد أخطار الإرهاب وتحصينه بالقيم الروحية والأخلاقية والتربوية، هذا بالإضافة إلى الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، التي تم التوصل إليها بالتعاون مع مجلس وزراء العدل العرب، والتي شكلت أساساً متيناً للتعاون العربي في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة.
ومع ازدياد أعمال الإرهاب على الساحة العالمية وتعاظم مخاطره فإن المجلس الموقر يواصل التركيز على هذا الموضوع الهام، بحيث إنه يتم إدراج هذا الموضوع باستمرار على جداول أعمال دورات المجلس السنوية من خلال عرض الأنشطة والبرامج التي تقوم بتنفيذها أجهزة المجلس المختلفة ولا سيما الأمانة العامة التي تنظم مؤتمراً سنوياً للمسؤولين عن مكافحة الإرهاب في الدول العربية، كما تقوم بأنشطة وأعمال أخرى مختلفة تصب كلها في مجال مكافحة الإرهاب ودرء أخطاره عن دولنا وشعوبنا العربية، وهناك مكتب عربي لمكافحة الإرهاب وجرائم تقنية المعلومات تابع للمجلس ويتخذ من الرياض مقراً له وهو مختص بكل ما يتعلق بهذا الشأن.
* وما هي جهودكم في مجال مكافحة المخدرات؟
- مما لا شك فيه أن المخدرات هي إحدى أخطر آفات هذا العصر، بالنظر للمآسي والأضرار البالغة الناجمة عنها والتي تصيب مختلف الدول والشعوب، وقد تنبه مجلس وزراء الداخلية العرب الموقر مبكراً إلى هذا الخطر ووضعه في مقدمة أولوياته وذلك من أجل إنقاذ دولنا ومجتمعاتنا العربية من آلامه وويلاته، ولذلك فقد بادر المجلس في مستهل نشأته إلى التحرك الفعال في هذا المجال، حيث لا يدخر المجلس جهداً في توظيف كافة الإمكانات والقدرات البشرية والفنية لمواجهة مشكلة المخدرات وتحدياتها، ومتابعة تطوراتها على كافة المستويات.
وتحرص الأمانة العامة للمجلس على بذل كافة الجهود اللازمة لتطويق مشكلة المخدرات من خلال تضمين برامج عملها السنوية نشاطات هادفة، تسعى من خلالها إلى توفير أكبر قدر ممكن من فرص النجاح في التغلب على هذه المشكلة والسيطرة عليها، وإقامة تعاون مثمر وفعال ينبثق عن عزم وإصرار لمواجهة كافة جوانب المشكلة على مختلف مستوياتها الوطنية والعربية والدولية.
وفي نطاق التصدي لظاهرة المخدرات أيضاً فإن الأمانة العامة للمجلس تنظم سنوياً مؤتمراً لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات في الدول العربية وكذلك اجتماعات لمجموعات العمل الفرعية الإجرائية الثلاث لمكافحة المخدرات، حيث يتم في هذه اللقاءات مناقشة السبل الكفيلة بمواجهة هذه الظاهرة سواء لجهة الوقاية أو المكافحة أو العلاج، ورغم كل تلك الإنجازات التي تحققت إلا أن المجلس لم يكتفِ بذلك بل يسعى دائماً إلى تطوير مكافحة المخدرات خاصة في ظل إباحة بعض المخدرات في بعض الدول الأجنبية، وعلى هذا السياق اقترحت المملكة العربية السعودية بحث سبل تعزيز جهود المجلس في مجال مكافحة المخدرات، وتنفيذاً لهذا المقترح تم تشكيل لجنة لدراسة سبل تعزيز جهود المجلس في مجال مكافحة المخدرات وتطوير الإستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية.
* هل يتم بحث موضوع الهجرة والتسلل بين البلدان وماهي أكثر الدول التي تشتكي من التسلل وهل يتم معالجتها؟ وهل تخاطبون جهات خارجية للاستفادة من تجاربهم في قضايا الهجرة؟
- يبذل مجلس وزراء الداخلية العرب جهوداً كبيرة في مجال تعزيز أمن الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وفي سبيل مواجهة هذه الظاهرة وحماية العالم العربي من تداعياتها، فقد بادر المجلس إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد من انتشارها، وتعاون بشكل وثيق مع غيره من الهيئات العربية والدولية المعنية من أجل مكافحتها، وينعكس هذا الاهتمام في مناقشة الموضوع من قبل عدة مؤتمرات واجتماعات في نطاق الأمانة العامة.
هناك للأسف دول تمثل مناطق عبور للهجرة غير الشرعية من دول المعبر إلى دول المقصد، كما أن بعض الدول – بسبب ما تنعم به من رفاه – تشكل دول مقصد للهجرة، ومجلس وزراء الداخلية العرب أولى الموضوع اهتماماً كبيراً نظراً للمشاكل المرتبطة بالهجرة والتي لا تتعلق بالأبعاد الأمنية فقط بل تتجاوزها إلى أبعاد اجتماعية واقتصادية، وكذلك تطور هذه المشكلة بسبب حركة اللجوء إلى بعض البلدان، والمجلس يعالج هذه القضية من خلال مؤتمر رؤساء أجهزة أمن الحدود والمطارات والموانىء، والأمانة العامة للمجلس تتعاون مع كل الجهات المعنية بهذا الشأن ومن بينها الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل التابعة للاتحاد الأوروبي، التي تنظم الأمانة العامة بالتعاون معها أورو عربي دوري لأمن الحدود، وعقد المؤتمر الأول في مدينة عمان العام القادم، وسيعقد المؤتمر الثاني في جمهورية البرتغال في شهر أكتوبر القادم بحول الله.
* ما هي علاقة الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب بالجامعات في مجال الأبحاث والدراسات؟ وهل توجهون بدراسة بعض القضايا في الكليات الأمنية؟
- الأمانة العامة تتعاون مع كل الجامعات ومراكز البحوث في القضايا التي تهم عمل المجلس، وهناك مؤتمر دوري لمدراء كليات الشرطة والأمن يعقد في نطاق الأمانة العامة يتدارس القضايا التي تشكل أولوية بالنسبة لتلك الكليات والجامعات.
والمجلس قام بإنشاء جهاز علمي هو (جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية) وهي تقوم بعقد الدورات التدريبية وتنظيم الندوات والحلقات العلمية وإقامة المعارض الأمنية والمحاضرات العامة، وإعداد الدراسات والبحوث العلمية وتقديم برامج علمية متخصصة على مستوى الدبلوم والماجستير والدكتوراه لرفع مستوى أداء وكفاءة العاملين في الأجهزة الأمنية والعدلية والاجتماعية والإعلامية العربية، بالإضافة إلى إصدارات علمية محكمة، وهذه الأدوار الهامة والنشاطات والبرامج التي تقوم بها الجامعة مستمدة من قرارات مجلس وزراء الداخلية العرب والخطط والإستراتيجيات الأمنية العربية.
* هل تشاركون في اجتماعات المنظمات الدولية؟
- الأمانة العامة حريصة على المشاركة في الاجتماعات مع المنظمات الدولية المعنية بالشأن الأمني مثل المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وتحرص الأمانة العامة على توحيد مواقف الدول العربية من القضايا المطروحة للنقاش وحشد الدعم للترشيحات العربية للمناصب الشاغرة في تلك المنظمات، كما تعمل الأمانة العامة على اطلاع الدول الأعضاء على مخرجات تلك الاجتماعات.
وفي هذا السياق تشارك الأمانة العامة في كل عام في الجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية، ولجنة المخدرات الدولية، ولجنة منع الجريمة والعدالة الجنائية، إلى غير ذلك من الاجتماعات ذات البعد الأمني.
* هل تم الاستفادة من العنصر النسائي في مجال عملكم في الأمانة العامة في المجال البحثي؟
- مجلس وزراء الداخلية العرب حريص على تمكين المرأة، وفي مناسبات عدة كانت هناك توصيات تحث الدول على إشراك العنصر النسائي في أجهزة الشرطة والاستفادة من المرأة في مختلف المجالات، وأجهزة الشرطة في الوطن العربي لا تقيم تمييزاً بين الرجل والمرأة في مجال العمل الأمني، حيث إن كلاً منهما يؤدي واجباته الوظيفية بنفس الكفاءة والجدية.
* هل تتبنون قضايا غسيل الأموال وهل تشكل هاجساً لوزراء الداخلية العرب؟
- تشكل الجريمة المنظمة التي ترتدي وجوهاً عديدة في الوقت الحاضر خطراً كبيراً على مختلف الدول والمجتمعات، وتأتي جرائم غسل الأموال ضمن هذه الجرائم الخطيرة ذات الطابع المنظم، وانطلاقاً من دوره في حماية دولنا وشعوبنا العربية من كافة أنواع الجرائم فإن مجلس وزراء الداخلية العرب يولي موضوع مواجهة الجريمة المنظمة ما تستحقه من اهتمام. وقد سبقت الإشارة في معرض الحديث عن جهود وإنجازات المجلس، إلى جريمة غسل الأموال التي تلقى بدورها الاهتمام المطلوب، ومن ضمن الخطوات المتخذة في هذا المجال، اعتماد القانون العربي النموذجي الاسترشادي لمكافحة غسل الأموال، وقد تم ذلك في مطلع عام 2003م.
* ما هو دور الرئيس الفخري فيما يتعلق بعمل الأمانة العامة؟
- إن كل متابع لمسيرة العمل الأمني العربي المشترك، لا بد وأن ينظر بعين التقدير والاعتزاز إلى الدور البارز والبنّاء الذي يقوم به صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود، وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب حفظه الله في تقريب وجهات النظر وتعزيز علاقات التعاون والتنسيق بين دولنا العربية في المجال الأمني، وحرص سموه على دعم المجلس وأمانته العامة باعتباره أداة عربية فاعلة لقيادة العمل الأمني المشترك في وطننا العربي، بما يكفل ترسيخ دعائم الأمن في بلداننا العربية جميعاً، وصيانة أمن وسلامة وممتلكات كافة المواطنين.
وتحظى الأمانة العامة، التي تشكل الجهاز التنفيذي للمجلس، بالكثير من الدعم من لدن سموه، سواء على الصعيد المادي أو على الصعيد المعنوي، حيث يحرص سموه على تعزيز هذا الدعم، ولعل أكبر مثال على ذلك هو تحمل المملكة العربية السعودية للميزانية السنوية للمكتب العربي لمكافحة الإرهاب وجرائم تقنية المعلومات التابع للأمانة العامة والذي يتخذ من الرياض مقراً له، كما يعود لصاحب السمو الفضل الكبير في تعزيز وتطوير الصرح العلمي الأمني الشامخ، المتمثل في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (الجهاز العلمي لمجلس وزراء الداخلية العرب)، فصاحب السمو الملكي الأمير، بصفته رئيس المجلس الأعلى للجامعة، يتابع عن قرب، وباهتمام بالغ مسيرة هذه المؤسسة العلمية، ويوفر لها كافة الإمكانيات والمتطلبات، مما جعلها تحتل مكانة كبيرة على الصعيدين العربي والدولي، وتساهم بشكل فعال في تطوير كفاءات وقدرات العاملين في أجهزة الأمن العربية في الاختصاصات والميادين المختلفة، وهذه الأمور كلها تؤكد، دون شك، مدى حرص صاحب السمو على تنمية وتوثيق عرى التعاون والتنسيق بين البلدان العربية، من أجل توفير عناصر الأمن والأمان للمواطن أينما وجد على امتداد وطننا العربي الكبير.
كما أن دور سموه لا ينحصر في نطاق مجلس وزراء الداخلية العرب فقط بل يتجاوزه إلى الاجتماعات المشتركة مع المجالس الوزارية الأخرى، إذ كان لرئاسته الحكيمة للاجتماع بين مجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب الذي انعقد في تونس في العام 2019م دور بارز فيما توصل إليه الاجتماع من نتائج بناءة.
* ما هو دور قاعدة البيانات الجنائية في الأمانة العامة؟
- حرص مجلس وزراء الداخلية العرب على إنشاء قاعدة بيانات جنائية في نطاقه بهدف مكافحة الجرائم وكشفها وتعزيز الأمن القومي لدولنا العربية، وفي سياق هذا الدور تقوم الأمانة العامة من خلال (إدارة الملاحقة والبيانات الجنائية) التي جرى إنشاؤها بمقرها بتأمين وتنمية التعاون والتنسيق بين أجهزة الشرطة في الدول الأعضاء في مجال مكافحة الجرائم وملاحقة المجرمين من خلال تلقي طلبات التوقيف المؤقت وإصدارها بحقهم تمهيداً للقبض عليهم ليصار إلى استردادهم أو محاكمتهم وفقاً لأحكام الاتفاقيات الثنائية أو الاتفاقيات العربية ذات الصلة، خاصة اتفاقية الرياض للتعاون القضائي لعام 1983م، كما تقوم بإصدار وتنقيح القائمة السوداء لمنفذي ومدبري وممولي الأعمال الإرهابية في ضوء المعايير التي اعتمدها المجلس لهذا الغرض، ولتسهيل تبادل المعلومات والبيانات الجنائية، تم إنشاء منظومة جنائية تحتوي على العديد من قواعد البيانات الخاصة بـ (المطلوبين أمنياً، المقاتلين الإرهابيين، الأساليب الجرمية، المركبات المسروقة، جوازات السفر المسروقة والمفقودة)، كما تصدر عدداً من النشرات الإحصائية السنوية. والأمانة العامة للمجلس بصدد تطوير نظامها الإلكتروني لإطلاق هذه القواعد من خلاله، بحيث يمكن للدول تغذيتها والاطلاع على محتوياتها مباشرة.
* ما هو جديدكم الذي تعملون عليه حالياً؟
- المجلس حريص على مواكبة المستجدات، لذلك قرر إنشاء لجنة في نطاق الأمانة العامة تسمى اللجنة المتخصصة بالجرائم المستجدة، وهذه اللجنة تجتمع كل سنة وتدرس إحدى الجرائم ذات الصبغة الحديثة، وتقترح السبل المناسبة لمواجهتها.
وكما تعلمون أن التحدي الأكبر بالنسبة للعالم أجمع هو الجريمة السيبرانية، وجرائم نظم المعلومات، وخاصة الذكاء الاصطناعي، وحرصاً على مواجهة هذه التحديات المستجدة كلف المجلس اللجنة المتخصصة بالجرائم المستجدة بدراسة موضوع التداعيات الأمنية للذكاء الاصطناعي وسبل مواجهتها، كما كلف الأمانة العامة بعقد مؤتمر للمسؤولين عن مكافحة جرائم تقنية المعلومات في وزارات الداخلية العربية، سيعقد في نطاق الأمانة العامة في شهر أغسطس القادم بحول الله، وسيكون ضمن بنوده البارزة مشروع خطة عربية لمواجهة جرائم تقنية المعلومات اقترحتها وزارة الداخلية بالمملكة العربية السعودية، وتعمل الأمانة العامة بالتنسيق مع الجهات المعنية في جامعة الدول العربية على مواجهة التحديات المرتبطة بنظم المعلومات من خلال فريق الخبراء العرب المعني بمواجهة جرائم تقنية المعلومات الذي أقر المجلس إنشاءه وعهد إلى المكتب العربي لمكافحة الإرهاب وجرائم تقنية المعلومات بأمانته الفنية.
وفي هذا السياق رحب المجلس في دورته الأخيرة بإنشاء مجلس وزاري عربي للأمن السيبراني في نطاق جامعة الدول العربية يكون مقره في الرياض.