علي الخزيم
- من خلال التأمل بتعاملات الناس فيما بينهم باجتماعات العيد السعيد صبحاً ومساءً؛ لفت انتباهي جملة من التصرفات والعبارات والإشارات؛ بينها ما هو طيب ومُحبب؛ وقليل غير مرغوب به، ومن العجيب حدوث توافق على بعض السلبيات من التعاملات وكأنها من مُسَلَّمات العادات والتقاليد.
- حين يُغمِض الكبار من الأجداد والآباء والمُربِّين أعينهم عن بعض التجاوزات التي تَمُس الآداب العامة (وأخص هنا ما يتعلق بالتعامل مع الوالدين والأجداد وكبار السن عموماً) وحين يجد الشباب والصغار التسامح معهم بهذا الشأن: تألفه عقولهم وأنفسهم ويستمرئون القول والفعل الخارج عن مدار حسن السلوك وكأنه طبع مُتَّفق عليه ومُجاز مِمَّن لهم الحق بالتوجيه.
- ويَتجلَّى المعنى بمثل الصور التالية: فبمصلى العيد شاهدت ما يبهج النفس من حسن تعامل الأبناء والأحفاد مع ذويهم من كبار السن، لاحظت عن كثب مَن أخضعوا أنفسهم وتواضعوا وتناسوا قِيَمهم وأوزانهم الاجتماعية أمام انحناء ظهر الجَد أو عجز الأب عن السير السليم المستقيم لعارض صحي أو حادثة سابقة أخلَّت بتوازناته الحركية، لقد فعلوا ما يعجز اللسان عن وصفه وتعجز الأعين عن نقله براً بهم ورجاءً لمرضاة الله جلَّ شأنه.
- وفي زيارة لمجلس معايدة لبعض الأقارب تتجلى صور فاقت التصور وأعمال إنسانية تجاوزت ما يقال ويُتَناقل عن بر الوالدين والأقربين من كبار السن ومن يحتاج للرعاية والرأفة الإنسانية حتى من الشباب وصغار السن ممن يحتاج لمثل هذه العناية؛ والامتثال لتعاليم الإسلام القويم بالحرص والمبادرة لرعاية وتوقير الكبار والحنو والعطف على الصغار، هكذا علمتنا الشريعة الراقية السَّمحة، وطوبى لمن اتبعها تواضعاً واحتساباً.
- وفي مساء يوم العيد المبارك كنت أمام مأدبة عامرة تختلف عمَّا كان أثناء إفطار رمضان الكريم، إذ إن مراسمها مختلفة بعض الشيء، وهو ما كان يصعب على شيخ مُسِن قد ناله ما نال الشاعر عوف بن محلم الخزاعي وقد أسَنَّ وثقل سَمْعُه؛ فقال هذا البيت ضمن قصيدة وهو بمجلس أحد الأعيان؛ بعد أن أُبلِغَ أن الأمير قد رَدّ عليه التحية:
إِنَّ الثمانينَ (وبُلِّغْتَها)
قدْ أحوجتْ سَمْعي إلى تَرجُمانْ!
فقد بادر رجل فاضل من أقارب صاحبنا الشيخ المُسن لمساعدته حتى أني رأيته يرفع بعض اللقيمات إلى فيه بيده، بارك الله صنيعه.
- ما نقدمه من لفتات ومبادرات تجاه من حولنا من كبار السن لا سيما الوالدان إذا بلغ أحدهما أو كليهما الكبر عندنا هي مُقدّمات وذخائر وإيداعات سنجدها إن كتب الله سبحانه لنا أن نبلغ ما بلغوه من الأعمار، ثم إنها قد كانت ديوناً مُستَحَقّة لهم نظير ما قدموه لآبائهم وأجدادهم ولمن يستحق الرعاية ممن حولهم من أقارب وأصدقاء ومحتاجين لخدمتهم، فلا يجب أن نحتقر أدنى معروف فهو دون ريب لن يذهب سدى فهو بعون الله مرصود لنا بالدنيا أو الآخرة.
- بقيت ملاحظة موجَّهة للشباب والناشئة بأن ينتبهوا لبعض التصرفات غير المقصودة التي قد تبدر منهم ولا تلائم مجالس الكبار والمناسبات العائلية، فلكل مقام مقال، وتوقير الكبار من شيم الكرام، فاعقلوها.