د. غالب محمد طه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عبارة لها من الحميمية والاطمئنان والسلام والدفء ما يجعلها تسري كالكهرباء في جسد وروح المسلم فتنير القلب وتبعث على الراحة فقائلها يوصل بها إحساسه ويقينه برحمة الله ومستلمها يشعر بالأمان، فالله هو السلام. لهذه الكلمات مفعول السحر ظل كما هو منذ أن قيلت قبل ألف وأربعمائة عام. بدأت لفظاً وتطورت وسائل إيصالها شفاهاً ثم كتاباً، ولعل أشكال كتابتها تطور عبر الأزمان إلى أن وصلنا لكتابتها عبر رسائل نصية وتدوينات. نفتتح بها كل محادثاتنا بآلية، فهل لها ذات الإحساس عند كتابتها بدلاً عن لفظها؟
في عالمنا المعاصر، أصبحت التقنيات الحديثة جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. من الهواتف الذكية إلى الإنترنت، وأصبحت هذه الأدوات الرقمية أدواتنا الأساسية للتواصل والتعلّم والعمل، وتركت آثارها على كل شيء حتى الإنسان بإحساسه وتناوله للأشياء وتعاطيه معها. فالتقنيات الحديثة لها تأثيرات ثقافية كبيرة فهي تساهم في نشر الثقافات والفنون وتسهل وصولها لجميع أطياف المجتمع وفئاته.
إن الفهم الصحيح والاستخدام الأمثل للتقنيات الحديثة له تأثير كبير على التقدم والتطور الاجتماعي والاقتصادي. التوعية الرقمية والتعليم حول استخدام التكنولوجيا بطريقة صحية ومتوازنة هو أمر بالغ الأهمية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الدول العربية والإسلامية. فالتوعية الرقمية يمكن أن تساعد الأفراد على فهم الآثار النفسية المحتملة للتقنيات الحديثة وكيفية التعامل معها. يمكن أن تساعد في تقليل الإدمان على التكنولوجيا وتعزيز استخدام التكنولوجيا بطريقة تعزِّز الصحة النفسية. بالإضافة إلى ذلك، للتعليم الرقمي دوراً مهماً في تمكين الشباب وتزويدهم بالمهارات اللازمة للاستفادة من التكنولوجيا بطرق إيجابية وتعزيز الصحة النفسية والرفاهية في عالمنا الرقمي وتحقيق التغيير الإيجابي لبلدانهم.
نحتاج في الدول العربية والإسلامية إلى مزيد من التركيز على التعليم الرقمي والتوعية حول استخدام التكنولوجيا بطريقة صحية ومتوازنة، حيث يؤدي الإدمان على التكنولوجيا إلى مشكلات صحية مثل السمنة والصداع وتشنجات العنق وآلام الظهر والكتفين، يؤدي الإدمان على التكنولوجيا إلى مشكلات نفسية مثل العنف والأنانية والقلق والعزلة والاكتئاب. ولعل من أبرز السلبيات للتقنيات الحديثة أنها تؤدي إلى تراجع في الأداء الأكاديمي والتركيز، ومن الأهمية بمكان أن نعلم الأطفال كيفية استخدام التكنولوجيا بطريقة صحية ومتوازنة، حيث يجب أن نكون واعين للتأثيرات النفسية المحتملة للتكنولوجيا وأن نسعى للحفاظ على الاتصال الإنساني والدعم العاطفي في حياتهم.
ومن الجدير بالذكر أن الآثار النفسية للتقنيات الحديثة قد تختلف بين الأجيال المختلفة والثقافات المختلفة. يمكن أن يكون للأطفال والشباب تجربة مختلفة تمامًا مع التكنولوجيا مقارنة بالبالغين وكبار السن. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك فروق ثقافية في كيفية تأثير التقنيات الحديثة على الصحة النفسية. فمثلاً، الأطفال والشباب الذين وُلدوا في العصر الرقمي قد يتعاملون مع التكنولوجيا بشكل مختلف تمامًا عن البالغين وكبار السن، ولهذه الفروق تأثيرات نفسية متباينة. على سبيل المثال، قد يكون الأطفال أكثر عرضة للإدمان على الأجهزة الرقمية، بينما قد يجد البالغون صعوبة في التكيّف مع التقنيات الجديدة. ومع تطور التقنيات الحديثة، من المتوقع ازدياد الآثار الجيلية والثقافية. سيكون من الأهمية بمكان أيضًا تطوير إستراتيجيات وبرامج للتعامل مع الآثار النفسية للتقنيات الحديثة.
فهل نحتاج إلى ميثاق شرف إعلامي توعوي عربي لحياة رقمية صحية ليكون أداة فعّالة لتعزيز الفهم والاحترام للتكنولوجيا وتأثيراتها النفسية؟
هذا الميثاق يمكن أن يشمل مجموعة من القواعد والمبادئ التوجيهية حول كيفية استخدام التكنولوجيا بطريقة صحية ومتوازنة، وكيفية التعامل مع الآثار النفسية المحتملة للتكنولوجيا. يمكن أن يكون هذا الميثاق خطوة مهمة نحو تعزيز الصحة النفسية والرفاهية في عالمنا الرقمي. الغرض من الميثاق هو الدور المهم الذي يلعبه الإعلام في تعزيز الصحة النفسية في العالم الرقمي. يمكن أن يكون هذا الميثاق خطوة مهمة نحو تعزيز الصحة النفسية والرفاهية في عالمنا الرقمي العربي.
من الأهمية بمكان أن نتعلم كيفية استخدام التكنولوجيا بطريقة صحية ومتوازنة. يجب أن نكون واعين للتأثيرات النفسية المحتملة للتكنولوجيا وأن نكون قادرين على التعامل معها بطريقة صحية ومتوازنة.
في هذا السياق، يجب أن نشيد بدور المملكة العربية السعودية كرائدة في هذا المجال. تعتبر السعودية من الدول الرائدة في العالم العربي في مجال التوعية الرقمية والإعلامية. من خلال مبادراتها المتعددة، تسعى السعودية إلى تعزيز الفهم والاحترام للتكنولوجيا وتأثيراتها النفسية. تعمل السعودية على تطوير برامج تعليمية وتوعوية تهدف إلى تعليم الأفراد كيفية استخدام التكنولوجيا بطريقة صحية ومتوازنة. بالإضافة إلى ذلك، تلعب السعودية دورًا مهمًا في تشجيع البحث والابتكار في مجال التكنولوجيا والصحة النفسية. من خلال هذه الجهود، تساهم السعودية في تعزيز الصحة النفسية والرفاهية في العالم الرقمي العربي. هذا الدور الرائد يجعل من السعودية نموذجًا يحتذى به في العالم العربي ويؤكد على أهمية الميثاق الإعلامي العربي لحياة رقمية صحية.
وفي سياق الاستدامة، يمكننا القول إن استخدام التكنولوجيا بطريقة صحية ومتوازنة يسهم بشكل كبير في تحقيق الاستدامة ويساعد التعليم الرقمي والتوعية في تعزيز الصحة النفسية والرفاهية، وهو جزء أساسي من الاستدامة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد في تقليل الفجوة الرقمية وتعزيز الشمول الرقمي، مما يساهم في تحقيق المساواة الاجتماعية، حيث إن الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا يعزِّز الكفاءة والإنتاجية، مما يقود إلى النمو الاقتصادي المستدام. وبالتالي، يمكننا القول إن ميثاق الشرف التوعوي العربي لحياة رقمية صحية يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تعزيز الاستدامة في العالم العربي.
وبالله التوفيق.