سارا القرني
في الخميس الماضي 18 إبريل 2024م بدأ سريان نظام المرور الجديد الذي يتمحور حول دفع المخالفات بخصومات تساعد جميع شرائح المجتمع بعدل وإنصاف، وكذلك تفرّق بين المخالفات التي يمكن أن يرتكبها قائد المركبة سهواً في بعض الأحيان أو تلك التي تهدد سلامة المجتمع وتشكل انتهاكاً صارخاً لا يمكن أن يرتكبه قائد المركبة دون تعمد ومنها التفحيط، أو قيادة المركبة تحت تأثير المخدر.
في السابق كان الكثيرون يشكون من ارتفاع قيمة المخالفات.. سواءً تلك المتراكمة عليهم أو التي لم يقعوا فيها، وكانت أصابع اللوم تُوجَّهُ دائماً إلى الإدارة العامة للمرور، دون أن يحمّلوا أنفسهم شيئاً من المسؤولية، لكن التنظيمات الجديدة.. جعلت الكرة في مرمى السائق بعد أن حصلت تغييرات جذرية كبيرة في قيمة المخالفات التي لم يتوقع أحد تخفيضها لأنها وببساطة تعتبر ضمن الأقل في العالم.
تسديد المخالفات بشكل كامل أو كل مخالفة على حدة بنصف سعرها.. أعتبره حلاً عادلاً لكلا الطرفين، الإدارة العامة للمرور ومرتكب المخالفة، وكذلك مدة 6 أشهر.. كافية وبشكل جذري لأغلب الذين لديهم مخالفات متراكمة، سوى البعض الذين يملكون سجلاً حافلاً بالمخالفات المليونية، نعم مليونية.. فكم شخصاً رأينا في وسائل التواصل الاجتماعي ظهر يندب حظه أو يسخر من سجله ويتفاخر لدى أصدقائه بأنه اقترب من حاجز الـ 1.000.000 ريال مخالفات!
السؤال البسيط الذي يدور في مخيلتي هو.. إذا كان السبب كما يقول البعض هو ارتفاع قيمة المخالفة، فهل هذا يبرر وصولها إلى هذ المبلغ الفلكي؟ أم هو إهمال متعمد ولا مبالاة مجحفة جنى بها الشخص على نفسه، فمدة 6 أشهر لن تكفيه لتسديد المبلغ ولو دفع شهرياً مبلغاً محترماً فأنّى له، وإن كان لديه.. فأيّ خسارة تلك التي جلبها على أهله وذويه ليفقد رقماً فلكياً دون الاستفادة منه بأيّ شكل من الأشكال!
الإدارة العامة للمرور.. قدّمت الكثير والكثير من التخطيط والوقت والجهد كي تحافظ على سلامة المجتمع، لكنّ التنظيمات التي لا تمنع الشخص من تجديد هويته أو جواز سفره أو السفر لوجود مخالفات متراكمة عليه أو تسيير كافة أمور حياته دون أي تعطيل، استغلها البعض للتهاون وتطنيش النظام وارتكاب المخالفات دون مسؤولية، لكن مع الانتقال لخطوة جديدة يُطالب فيها الشخص قضائياً بسداد المبالغ دون تهاون.. ستجد الجميع يحترم النظام وحتى المتهور سينضح في يوم وليلة لتفادي تبعات تهوره السابق!
الآن.. وبعد أن وضعت الإدارة العامة للمرور الكرة في ملعب السائق.. ما هو العذر الجديد؟ لقد تجاوزت الأنظمة الجديدة كل التوقعات وأظهرت القدرة الكبيرة للمرور في التعامل مع الأوضاع الحالية أو تلك الحالات الطارئة بنظرة مستقبلية جبارة، لا نقف معها إلا احتراماً، ونشيد بها أيّما إشادة، وكما انتقدنا في السابق بعض الأنظمة بمنظور المواطن الذي يبحث عن مصلحته، سنشيد بهذا القرار بمنظور المواطن الذي تهمه مصلحة المجتمع كافة!
لن تتحمل الإدارة العامة للمرور المسؤولية وحدها، وعلى كلّ مرتادٍ للطرق أن يتقيد بالأنظمة ويتأكد أنه لن يفيده التهور، ولن تعفيه اللامبالاة من سداد كلّ مخالفة ارتكبها وهو يقول في نفسه «لن يطالبني أحد بشيء»!