د. إبراهيم بن جلال فضلون
في غزة، يصارع أكثر من مليوني إنسان شبح الموت جوعاً، بينما تتشدق دول تنفق مُدنها مئات المليارات من الدولارات للتطوير، كالذكاء الاصطناعي ومنافعه للإنسانية المميتة، دون أن ندري فهل نفع دولة الاحتلال في قبتها الحديدية التي انهارت في السابع من أكتوبر الماضي؟. بالفعل غزة اليوم فريسة لكل تلك النتائج المُميتة لمشروع ماسوني عالمي نسبح حوله دون جدوى، ضحاياها العرب والمسلمين ومركزها أهل فلسطين يُغيرون في وجه البشرية، بموت أكثر ضحايا الحروب دموية بحجة منافع كلها زائلة بهدف السلام وتحقيق الاستقرار وصيانة بيئة صديقة للتقدم التكنولوجي.
فأية حرية في عالم يتقاسم لحوم الفلسطينيين ما بين تدمير وتجويع وتهجير، والزمن متواصل، فلا أحداث تقع في معزل عما وراءها أو يمكن فصلها عما يأتي بعدها، ونحن بالذكرى الـ13 للـ «الربيع العربي»فـ»الوقت موت» كما قال بطرس الأكبر، وحديث النهايات منذ العقد الأخير من القرن الـ20، متحولاً من «الربيع العربي» إلى «الشتاء الإقليمي»، وجهتها مشاريع إقليمية ودولية تتسابق لاحتلال أراضٍ عربية بمختلف مسمياتها، فنرى «اللا دول» في بلداننا العربية المنهكة بعضها كالعراق وسوريا ولبنان وليبيا»، والثاني «الخليج»، والثالث قيادة أفريقية مصرية، والرابع دول المغرب العربي «الجزائر والمغرب وتونس»، وبعضهم في خلافات جعلت التدخلات الدولية تتصارع على مناطقهم الاستراتيجية فتتدخل أمريكا وروسيا والصين وإيران وتركيا.
ولم يكن خط الصدع الذي حصل بهجوم «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لحظة صراع جديدة بل مرآة عاكسة للانقسام العميق في المنطقة وهو وليد رؤى متناقضة لأحوال العالم وعلاقاته. وكأن الشرق الأوسط يتغذى بانهيار المجتمعات والدول وتفكك البنى الاجتماعية، التي تحيا تلك الأقطاب على جثثها.
وعلى الرغم من ذلك تكافح دولنا العربية ودول الخليج خاصة بعوامل الهويات والتاريخ والهياكل المجتمعية التغلب على العقبات التكنولوجية والجيوسياسية فالسعودية والإمارات، تستثمران في الاستقرار، وتوسع الشراكات، لخلق بيئة جاذبة للاستثمارات والمواهب العالمية، ولاسيما الذكاء الاصطناعي، بغية تجاوز القيود الأمريكية على صادرات الرقائق واختصار هذه الديناميكيات المعقدة التي تتشكل في ضوئها الانقسامات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، فهذا النهج سينشئ بيئة آمنة ومسؤولة، تُساعد في المحافظة على الثقة العامة، وتعتمد عليها كافة الاقتصاديات وبالتالي ينبغي لاقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية أن تعمل قصارى جهدها في وضع أساس قوي لمجالات الذكاء الاصطناعي من خلال الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية وتوافر الكفاءات وصولاً للأهداف المرجوة.